٢٣٢ ـ قوله تعالى : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ).
مادة (عضل) تأتي بمعنى الشدة والضيق والحبس والمنع ، فهي بمنزلة الجنس لهذه الأنواع وتستعمل في الجميع ، فتكون من متحد المعنى لوجود الجنس القريب بين جميع الأنواع ولا يعتبر في الجامع القريب أن يكون معلوما من جميع الجهات بل يكفي صحة الانطباق على الأنواع المستعمل فيها اللفظ عرفا ، وربما يكون هذا سببا في تعدد الموضوع له في جملة كثيرة مما حكم أهل اللغة بالتعدد فيها.
وكيف كان ، فإنّ هذه المادة لم تستعمل في القرآن الكريم إلا في موردين كلاهما بالنسبة إلى النساء أحدهما المقام. والثاني قوله تعالى : (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) [النساء ـ ١٤] ، والمعروف كما تقدم هو ما تعارف بين الناس ولم ينه عنه الشرع ، وهو مما يختلف باختلاف الأعصار والأمصار والعادات.
والمراد بالبلوغ : الانتهاء من العدة والخروج منها ، فإنّها ما دامت في العدة لم يكن لأحد عليها ولاية وسلطة إلا لبعولتهنّ فإنّهم أحق بردهنّ.
والخطاب عام لكلّ من كان له علقة بزواج المرأة ويرجع فيه إليه سواء كان وليّا شرعيّا أم غيره فيشمل كلّ عاضل.
كما أنّ المراد من أزواجهنّ مطلق الأزواج الأعم من الزوج الأول قبل الطلاق وغيره باعتبار أنّ في المستقبل يكون زوجا إذا تحقق التراضي بين الزوجين بالمعروف.
ويمكن تعميم المعروف بما هو المتعارف شرعا ، فيشمل جميع الشرائط الشرعية بالدلالة المطابقيّة.
والآية تدل على نهي من بيده أمر الزوجة ويرجع في الزواج بها إليه عن منع المرأة من الزواج بأيّ رجل شاءت عدوانا وعنادا.