تعالى باعتبار مجرد المنشئية ، وليس هو من التكليف المنفي عنه عزوجل عقلا ، لأنّه مما اختاره الإنسان بسوء اختياره ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) [الحج ـ ٧٨] ، فإنّه يدل على نفي الحرج في كلّ دين سماوي سواء كان ملة إبراهيم (عليهالسلام) أو شريعة موسى ، وعيسى ، ومحمد (عليهمالسلام) التي هي تابعة لملة إبراهيم (عليهالسلام).
إن قيل : إنّ التكليف يلازم المشقة والثقل ، لأنّه من الكلفة وهي المشقة.
يقال : إنّ كون التكليف ملازم للمشقة أعم من كونه فوق الطاقة وما لا تسعه قدرة الإنسان أو ضيّقا حرجيا بحيث يحتمل المشقة الشديدة مع أنّ التكليف بالأحكام أمر يجوّزه العقل ولا مانع فيه فإنّ إهمال الإنسان من كلّ جهة قبيح وهو ممتنع على الله تعالى ، بل إنّ إهماله إهمال للنظام الكياني كلّه.
وبملاحظة قبح التكليف بما لا يطاق يكون التكليف الممدوح هو الذي لا يكون فيه العسر والحرج ، وهو من الواجبات المستقلة العقلية النظامية.
وإطلاق الآية الشريفة يشمل جميع التكاليف الشاقة حتّى التكاليف الامتحانية التي ابتليت بها الأمم السابقة ، والتكاليف التي يضعها الإنسان على نفسه على سبيل التخيل والوسواس التي هي خلاف الأدلة الشرعية الواصلة إلينا ففي الحديث «الدّين يسر ولا تعسّروا» وقد اعتبرها الإمام الصادق (عليهالسلام) من إطاعة الشيطان حيث قال : «وأي عقل له وهو يطيع الشيطان» أعاذ الله تعالى عباده منه فيكون معنى الآية الشريفة : ربنا ألهمنا الرشاد والتوفيق لترك ما يوجب جميع ذلك.
وفي الآية كمال الامتنان على أمة محمد (صلىاللهعليهوآله) والبشارة لهم.