الاخلاقي ، وذكرنا أنّها تعتبر التقوى هي الوسط في جميع الفضائل وهي المدينة الفاضلة التي وعد بها الأنبياء والمرسلون.
والتقوى : عبارة عن جعل النفس في وقاية مما يخاف ويحذر ، فيتحد الفاعل والقابل ذاتا ويختلفان اعتبارا. ولها درجات لا تتناهى وفي بعض الدّرجات يصل العبد إلى مرتبة تجلّي الحق تعالى في مشاعر العبد وقواه وذلك التجلّي يبقى ويدوم ولا يفنى وإن تبدلت العوالم وتغيرت.
أأمنع عن ذاك الحمى وهو موطني؟! |
|
أابعد عن جيرانه وهم إلفي؟! |
وسيأتي في الموضع المناسب من الآيات المباركة بقية الكلام فيها إن شاء الله تعالى.
الثامن : يستفاد من قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) بعد تشريع الأحكام وبيان الحدود الإلهية الاهتمام بالباطن وحسن النية والاعتناء بتوافق الظاهر مع الباطن فإنّ حسن الظاهر إن لم يكن من حسن الباطن لا اعتبار به بل هو نفاق مذموم واجتراء على الله تعالى وهدم للباطن ، والأحكام الإلهية والمعارف الربوبية إنّما نزلت لتكميل النفوس وتحسينها فإنّ الآية الشريفة ترشد إلى مراقبة النفس.
التاسع : ربما يقال إنّ قوله تعالى : (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ) يدل على عدم صحة العقد إلا بإجازة الوليّ.
ولكنّه مردود فإنّ الخطاب لم يكن مختصّا بالأولياء فقط والنّهي إرشادي إلى ما يترتب من المصالح والمنافع فالآية أجنبية عمّا ذكروه بل إنّها ترشد إلى قاعدة السلطنة فقد أثبتت الولاية للمرأة في تزويج نفسها إذا تراضيا بالمعروف ونهي من له علقة بها أن يعضلها عن ذلك.
العاشر : يدل قوله تعالى : (ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ) على بعض مصالح تشريع الأحكام الإلهية فإنّها شرّعت لتطهير النفوس عن رذائل الأخلاق وتنمية الملكات الفاضلة.
الحادي عشر : يستفاد من هذه الآيات وما في سياقها علم النفس