يستقل الولد ، وعطفها عليه بحيث لا تدخر عنه شيئا ، وتبذل النفس والنفيس له وتقاسي في سبيله ، فقرّر سبحانه وتعالى هذا القانون الطبيعي التكويني في التشريع السّماوي.
ويستفاد من هذا الخطاب الحنان والرأفة وكمال العناية بتربية الأولاد فقدم تعالى الوالدات ، لكثرة علاقتهنّ وعنايتهنّ بالأولاد.
وذكر سبحانه وتعالى الولد حتّى يشمل الذكر والأنثى من دون فرق بينهم خلاف ما كان شايعا في عصر نزول الآية الشريفة ثم جعل الوالدة في كفالة الوالد.
ويختص الحكم في الآية المباركة بالوالد والوالدة والولد وإنّما عدل سبحانه عن الأمهات إلى الوالدات ، لأنّ الأخيرة تشعر بالعناية الشديدة وتشتمل على الحكمة أيضا فإنّ الولد يولد من الوالدة ويكون بمنزلة الثمرة لها.
قوله تعالى : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ).
يستفاد منه أنّ التحديد المذكور غالبي فإن اقتضت المصلحة عدم البلوغ إلى آخر المدة كان لهما ذلك ، فإنّ الأمر موكول إلى الوالدين بلا فرق في ذلك بين الوالدة المطلّقة وغير المطلّقة ، ولكن يستفاد من الآية المباركة أنّ الرضاعة من حق الوالدة ، ولا يمكن أن يستبد الوالد بالأمر من دون موافقتها ، ويدل عليه ذيل الآية الشريفة.
وإنّما عدل سبحانه وتعالى من خطاب الإناث إلى خطاب الذكور لأجل أنّ الحضانة والرضاعة لا تتمان إلا بموافقة الوالد وتقريره ، لأنّه الركن الأساسي في المجتمع الزوجي.
قوله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
أي : كلاهما مسئولان تجاه هذا الرضيع ، وإنّما عدل سبحانه من الوالد إلى المولود له لاشتمال الأخير على الحكمة أيضا ، فإنّ الولد ملحق بالوالد وبعض منه ، فعليه كفالته والقيام بمصالحة ومنها النفقة على الوالدة وكسوتهنّ