لقيامهنّ بحفظ الولد ورعايته وقد تحملن مشقة الحمل والرضاع فلا بد من رعايتهنّ والإنفاق عليهنّ وكسوتهنّ بحسب المعروف واللائق بحال الوالدين ، والمتعارف يختلف باختلاف الأعصار والأمصار والغنى والفقر والعادة.
وهذه الآية شارحة لقوله تعالى : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وإنّما الفرق بينهما بالإجمال والتفصيل.
قوله تعالى : (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها).
تأكيد لما سبق من الأحكام أي : لا تكلّف نفس إلا ما تتسع قدرتها وتقدر على تحمله ، وقد شرح سبحانه ذلك في آية أخرى ، قال تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) [الطلاق ـ ٧] ، وهذا التعليل عام يشمل جميع التكاليف الإلهية قال تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة ـ ١٨٥] ، فالتكاليف الإلهيّة بأقسامها إنّما تتنجز في حدود طاقة الإنسان ولا تتجاوزها ، وفي سياق ذلك جملة من الآيات المباركة والأخبار المتواترة فعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) في كلمته المباركة : «بعثت بالشريعة السهلة السمحاء».
قوله تعالى : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ).
تفريع على الحكم السابق. والضرر مقابل النفع ، والمضارة الضّرار من الجانبين. والكلمة مجزومة ب لا ، الناهية ، وحركت آخر الكلمة بالفتحة لمشاكلتها للحرف الذي قبلها وذلك لرفع التقاء الساكنين.
وقرئ بالرفع ولا يوجب ذلك اختلافا في المعنى ، وهو النّهي الإلزامي.
والمعنى : إنّه يحرم إضرار كلّ واحد من الزوجين الآخر في ولده فلا يستغل الوالد عواطف الأم وحنانها على ولدها الرضيع بإضرارها في منعها عن إرضاع الولد مع قدرتها ومكنتها أو حرمانها من الحضانة أو رؤيته ، أو التضييق عليها برضاعه بلا مقابل أو الامتناع عن إعطائها الولد وسائر أنحاء المضارة. كما