عليهنّ الانتظار وحبس أنفسهنّ من الازدواج والزينة وغيرهما مدة أربعة أشهر وعشرا ، والمراد بالعشر الأيام مع لياليها ، وحذفت لدلالة السياق عليه ، لأنّ المراد اتصال هذا المقدار من الزمان ، كما في أصل العدة مطلقا.
قوله تعالى : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَ).
أي : إذا أتممن عدّتهنّ فلهنّ الاختيار ولا سبيل لأحد عليهنّ ، فلا إثم عليهنّ في أن يخترن الأزواج ويفعلن ما وجب عليهنّ تركه في أثناء العدة ، فيجوز لهنّ استعمال الزينة بما هو المتعارف بالنسبة إليهنّ ولا يستنكر من أمثالهنّ وكذا التعرض للخطبة ، والخروج من البيوت فإنّ جميع ذلك جائز لهنّ بالمعروف والاستقامة والعفة.
وفي قوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) إبطال للعادات السيئة التي كانت المتوفى عنها زوجها تعانيها من أهلها وقرابة الزوج بل من المجتمع الجاهلي ، كما أنّ فيه إشعارا بإلزام الأقارب بعدم التدخل في شؤون الزوجات.
والحداد : عبارة عن إظهار الحزن على فقد عزيز بعلامات خاصة وهو من الأمور الاجتماعية التي لا تخلو عنه أمة من الأمم والتي تتفاوت في هذه العادة فبعض الأمم تشرك الذكور والإناث فيها في حين أنّ امة أخرى تخص هذه العادات بالإناث ، كما أنّ مدّة الحداد لم تكن متساوية لدى الجميع ، وقد اختلطت بكثير من الأوهام والخرافات حتّى أنّ بعض الأمم كانت تقضي بإحراق الزوجة الحية ، أو دفنها مع الزوج وهي حية ، أو الاغتراب من بلد الزوج ، أو عدم تزويجها إلى آخر العمر ، أو سنة واحدة ، أو تسعة أشهر ، أو من دون مدة معينة ، وهذه العادات وإن كانت قاسية في بعض الحالات ويشمئز منها الضمير الإنساني إلا أنّ أصل الحداد في الجملة أمر يقبله الطبع لأنّه يرجع إلى حفظ حقوق الزوجية واحترام مشاعر أسرة البيت ورعاية الحب الذي كان متبادلا بين الزوجين.
فهو معنى قائم بالطرفين إلا أنّه آكد في الزوجة وألزم ، فالحداد من تلك