في مواضع كثيرة من القرآن الكريم تقدم بعضها ويأتي الآخر منها.
و (التعريض) : قسم من الكناية التي هي أبلغ من التصريح ولكنّه خلافها فالكلام إما ظاهر في المعنى المقصود ، أو صريح فيه ، أو تعريض به ، والجميع معتبر في المحاورات العرفية ويترتب الأثر عند المتعارف فقول : إنّي أريد أن أنكحك ، صريح في المطلوب. وقول : إنّي أريد معاشرتك ـ مثلا ـ ظاهر فيه. وقول : كم راغب فيك تعريض ، ففي التعريض يكون المعنى المقصود غير ما عرّض به كالمثال الأخير ، وفي الكناية لا يقصد من اللفظ غير المكنى عنه.
والخطبة ـ بكسر الخاء ـ من الخطب والمخاطبة. والتخاطب بمعنى المراجعة في الكلام ، وتستعمل في طلب المرأة للنكاح من هذه الجهة ويصح استعمالها في الحالة الخاصة الكلامية مطلقا ، والفارق القرائن الخاصة ، فيقال : خطب الخطيب على المنبر كما يقال خطب المرأة بمهر كذا إلا أنّ في الخطبة ـ بالضم ـ يأتي الخطيب وفي الخطبة ـ بالكسر ـ يأتي الخاطب.
والإكنان من الكن ـ بالكسر ـ وهو ما يحفظ به الشيء ، قال تعالى : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) [الصافات ـ ٤٩] ، وقال تعالى : (كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) [الطور ـ ٢٤] ، وما يستر في النفس يسمّى كنّا أيضا ، قال تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ) [النحل ـ ٧٤].
والمعنى : لا إثم على الرجل في التعريض بخطبة المرأة المتوفّى عنها زوجها أي : بالإشارة التي تفيد المرأة أنّ الرجل يريدها زوجة له أو يخفي في نفسه الرغبة في الزّواج بها ولا يظهرها إلا بعد انتهاء العدة.
وظاهر الآية الشريفة وإن كان يشمل جميع المعتدات لكن سياقها يدل على اختصاصها بعدة الوفاة.
قوله تعالى : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَ).
بيان للسبب في الحكم السابق أي : أنّ ذكركم لهنّ أمر غريزي قهري