الكلام في أنّها من الحقوق الواجبة التي يلزم على الرجل وفاؤها أو أنّها من الحقوق المجاملية الأدبية؟ ظاهر الآية الشريفة هو الأول لظاهر الأمر.
وهذه الآية الشريفة والآية التالية تشتركان في أنّ الطلاق فيها قبل المس والغشيان وإنّما تفترقان في أنّ الآية التالية قد فرض لها فريضة فيجب إخراج نصف المهر ، وفي الأولى لم يفرض لها فريضة فيجب إعطاء المتعة لها وهي غير مهر المثل وإنّما جعلت لها المتعة تطييبا لنفسها وجلبا لخاطرها.
وإنّما كرّر سبحانه وتعالى كلمة (قَدَرُهُ) لبيان أنّ الموسع يلاحظ قدر وسعه ولا ينقص عن ذلك ، والمقتر أيضا يلاحظ حاله ولا يزيد على ذلك ولو لم تكن مكررة لما أفاد هذه الفائدة.
قوله تعالى : (مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ).
متاعا مفعول مطلق ، لقوله تعالى : (وَمَتِّعُوهُنَ) وهو إما بمعنى ما يتمتع به أو بمعنى التمتيع.
وقيل : إنّه حال من (قَدَرُهُ). وقيل : إنّه تأكيد لمتعوهنّ والجميع يرجع إلى معنى واحد.
وحقا صفة للمتاع. والمعروف : ما تعارف عليه الناس على اختلاف طبقاتهم وحالاتهم.
والمعنى : إنّ المتعة هي حق واجب على من يريد الإحسان ، أو إنّها من الإحسان الذي يرغب إليه المحسنون ، وهذه قرينة أخرى على أنّها من الحقوق الإلزامية كما سيأتي في البحث الرّوائي.
وإنّما ذكر المحسنين تعظيما لشأنهم وترغيبا إلى الإحسان ، وتحريضا للناس على أن يدخلوا في زمرة المحسنين ، كما في سائر الخطابات التي تكون في هذا السياق ، كقوله تعالى : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ).
والحسن عبارة عن كل مرغوب إليه ـ بأي قوة من القوى النفسانية ظاهرية كانت أو باطنية ـ وتتصف به جميع الأشياء من الجواهر والأعراض بل