في الصدّ عن سبيل الله ، لأن ذلك ينافي الإيمان.
قيل : الآية أبلغ ما يتصور في النهي عن الظلم ، والتهديد عليه ، لأن هذا الوعيد الشديد إذا كان فيمن يركن إلى أهله ، فكيف بمن ينغمس في حمأته؟.
تنبيه :
قال بعض المفسرين اليمانين : الآية صريحة بأن الركون إلى الظّلمة محرّم وكبيرة ، لأنه تعالى توعد بالنار. ولكن ما هو الركون الذي أراده تعالى؟ قلنا : في ذلك وجوه؟
فروي عن ابن عباس والأصمّ أن المعنى : لا تميلوا إلى الظلمة في شيء من دينكم.
وقيل : ترضوا بأعمالهم. عن أبي العالية ـ.
وقيل : تلحقوا بالمشركين ـ عن قتادة ـ.
وقيل : تداهنوا الظلمة عن السدّي وابن زيد ـ.
وقيل : الدخول معهم في ظلمهم ، وإظهار الرضا بفعلهم ، وإظهار موالاتهم. فأما إذا دخل عليهم لدفع شرهم ، فيجوز ، لأنه تعالى أمر بالرفق في مخالطة الكفار ، والظلمة أولى.
قال الزمخشري : النهي يتناول الانحطاط في هواهم ، والانقطاع إليهم ، ومصاحبتهم ومجالستهم وزيارتهم ومداهنتهم ، والرضا بأعمالهم ، والتشبه بهم ، والتزيّي بزيهم ، ومد العين إلى زهرتهم وذكرهم بما فيه تعظيم لهم. وتأمل قوله : (وَلا تَرْكَنُوا) فإن الركون هو الميل اليسير. وقوله : (إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي إلى الذين وجد منهم الظلم ، ولم يقل : إلى الظالمين.
وحكي أن الموفق صلى خلف الإمام ، فقرأ بهذه الآية ، فغشي عليه ، فلما أفاق قيل له ، فقال : هذا فيمن ركن إلى من ظلم ، فكيف بالظالم؟ انتهى.
قال اليماني : قد وسع العلماء في ذلك وشدّدوا ، والحالات تختلف ، والأعمال بالنيات ، والتفصيل أولى ، فإن كانت المخالطة لدفع منكر ، أو استعانة عليه ، أو رجاء تركهم الظلم ، أو استكفاء شرورهم فلا حرج في ذلك ، وربما وجب ، وإن كان لإيناسهم وإقرارهم فلا. انتهى ـ.
وأقول : كل هذا مبني على عموم الآية ، وأما إن كانت في مشركي مكة ،