الثالثة ـ إنما عدل عن (ضيّق) الصفة المشبهة إلى (ضائق) اسم الفاعل ، ليدل على أنه ضيق عارض ، غير ثابت ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان أفسح الناس صدرا. وكذا كل صفة مشبهة إذا قصد بها الحدوث تحوّل إلى فاعل ، فيقولون في سيد سائد وفي جواد جائد ، وفي سمين سامن. قال :
بمنزلة أمّا اللئيم فسامن |
|
بها ، وكرام الناس باد شحوبها |
وظاهر كلام أبي حيّان أنه مقيس. وقيل إنه لمشابهة (تارك). ومنه يعلم أن المشاكلة قد تكون حقيقة ـ كذا في العناية ـ.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٣)
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) أي ما يوحى إليك. وفي (أم) وجهان منقطعة مقدرة ب (بل والهمزة الإنكارية) أي : بل أيقولون. ومتصلة والتقدير : أيكتفون بما أوحينا إليك ، وهو ما في الإعجاز ، أم يقولون ليس من عند الله.
(قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا) أي للاستعانة (مَنِ اسْتَطَعْتُمْ) أي من الإنس والجن. وقوله : (مِنْ دُونِ اللهِ) متعلق بـ (ادْعُوا) ، أي متجاوزين الله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي في أني افتريته ، فأنتم عرب فصحاء مثلي ، لا سيّما وقد زاولتم أساليب النظم والنثر والخطب.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٤)
(فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) أي بما لا يعلمه غيره من نظم معجز للخلق ، وإخبار بغيوب لا سبيل لهم إليها (وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي واعلموا عند ذلك أن لا إله إلا الله ، وأن توحيده واجب ، والإشراك به ظلم عظيم ، (فَهَلْ أَنْتُمْ