مُسْلِمُونَ) أي مبايعون بالإسلام ، منقادون لتوحيد الله ، وتصديق رسوله ، بعد هذه الحجة القاطعة؟
لطائف :
الأولى ـ قيل : تحدّوا أولا بعشر سور ، فلما عجزوا تحدّوا بسورة ، وذهب المبرد إلى أن الأمر بالعكس ، ووجهه بأن ما وقع أولا هو التحدي بسورة مثله في البلاغة والاشتمال على ما اشتمل عليه من الإخبار عن المغيبات والأحكام وأخواتها ، وهي الأنواع التسعة المنظومة في قول بعضهم :
ألا إنما القرآن تسعة أحرف |
|
سأنبيكها في بيت شعر بلا ملل |
حلال ، حرام ، محكم متشابه |
|
بشير نذير ، قصّة ، عظة ، مثل |
فلما عجزوا عن ذلك ، أمرهم بالإتيان بعشر سور مثله في النظم ، وإن لم تشتمل على ما اشتمل عليه ، ويشهد له توصيفها ب (مفتريات).
وقيل : إن التحدي بسورة وقع بعد إقامة البرهان على التوحيد ، وإبطال الشرك ، فتعين أن يكون لإثبات النبوة بإظهار معجزة ، وهي السورة الفذة. والتحدي بعشر وقع بعد تعنتهم واستهزائهم ، واقتراحهم آيات غير القرآن ، لزعمهم أنه مفترى. فمقامه يناسبه التكثير ، لأنه أمر مفترى عندهم ، فلا يعسر الإتيان بكثير مثله ـ كذا في العناية ـ.
الثانية ـ ضمير (لكم) للنبيّ صلىاللهعليهوسلم وجمع للتعظيم ، كما في قول من قال :
وإن شئت حرمت النساء سواكم
أو له وللمؤمنين ، لأنهم أتباعه في الأمر بالتحدي ، وفيه تنبيه لطيف على أن حقهم ألا ينفكوا عنه ، عليه الصلاة والسلام ، ويناصبوا معه لمعارضة المعارضين ، كما كانوا يفعلونه في الجهاد. وإرشاد إلى أن ذلك مما يفيد الرسوخ في الإيمان ، والطمأنينة في الإيقان ، ولذلك رتب عليه قوله عزوجل : (فَاعْلَمُوا ...) إلخ. وجوز أن يكون الخطاب في الكل للمشركين من جهته عليهالسلام ، داخلا تحت الأمر بالتحدي ، والضمير في (لم يستجيبوا) ل (من استطعتم) أي : فإن لم يستجب لكم سائر من تجأرون إليهم في مهماتكم إلى المعاونة ، فاعلموا أن ذلك خارج عن دائرة قدرة البشر ، وأنه منزل من خالق القوى والقدر ـ كذا في أبي السعود ـ.
ثم بين تعالى وعيد من آثر الحياة الدنيا على الآخرة ـ وهم الكفار ـ بقوله :