بيان موضوع علم الأصول
بعد أن انتهينا من البحث في المقدمات التي اعتاد علماء الأصول أن يذكروها مقدمة لتعريف علم الأصول ، وتشخيص موضوعه ، نبدأ الآن في بيان هذا الموضوع فنقول :
إنّ علماء الأصول قد وقعوا في حيص وبيص ، وذهبوا مذاهب شتى في موضوع علم الأصول.
فبعضهم قال بأن موضوع علم الأصول هو الأدلة الأربعة بما هي أدلة ، بحيث أخذ قيد الدليلية في موضوع العلم.
وبعضهم ذهب إلى أن موضوع علم الأصول هو الأدلة الأربعة بما هي هي ، لا بما هي أدلة ـ ذوات الأدلة من دون أخذ قيد الدليلية ـ.
وبعد أن أشكل على كلا القولين ، كما ذكر صاحب (الكفاية) (١) ، ذهب جملة من المحققين إلى أنه لا يوجد موضوع لعلم الأصول.
وقال آخرون : بأنه يوجد له موضوع ، ولكنه غامض مجهول كنهه ، وإنما يعبّر عنه تعبير إجمالي ، فيقال : بأنه الكلي المنطبق على موضوعات مسائله.
وصياغة هذا الإشكال على كلا المسلكين هو أن يقال :
إنه من غير المناسب أن تجعل الأدلة الأربعة موضوعا لعلم الأصول ، لا بما هي أدلة ، ولا بما هي هي ، وذلك لأن موضوع العلم يجب أن يكون منطبقا على موضوعات مسائله ، وموضوعات مسائل علم الأصول لا ينطبق عليها الأدلة الأربعة على المسلكين. فمثلا في موارد الأصول العملية موضوع المسألة هو الشك بالتكليف ، والشك بالتكليف ليس عقلا ، ولا كتابا ، ولا سنة ، ولا
__________________
(١) حقائق الأصول : ج ١ ص ١٢.