الأصوليين والفقهاء المتأثرين بمناهج العلوم العقلية الأخرى.
وبهذا فقد استطاع بهذا الفكر العملاق ، وبما أوتي من قدرة على التوفيق بين خصيصته المنطقية والعلمية في الاستدلال ، وبين مراعاة المنهجية الصحيحة المنسجمة مع كل علم ، أن يتناول في كل حقل من حقول المعرفة المنهج العلمي المناسب مع طبيعة ذلك العلم ، من دون تأثر بالمناهج الغريبة عن ذلك العلم وطبيعته ، وهذه خصيصة أساسية سوف نواجهها بجلاء أيضا في بحوثنا الأصولية القادمة.
٦ ـ الذوق الفني والإحساس العقلائي :
الذوق حاسة ذاتية في الإنسان ، يدرك بها جمال الأمور ، والذهنية العقلائية هي الأخرى التي يدرك بها الإنسان الطباع والأوضاع والمرتكزات التي يبني عليها العرف والعقلاء ، ويبني على أساسها الكثير من النظريات والأفكار في مجال البحوث المختلفة كالدراسات التشريعية ، والقانونية ، والأدبية ، وهي غالبا ما تكون مجالا للبحث لا يمكن إخضاعها للبراهين المنطقية ، أو الرياضية ، أو التجريبية. وإنما تحتاج إلى حاسة الذوق الفني ، والذهنية العقلائية ، والحس العرفي الأدبي ، ولأن هذه الخصائص كانت مائزا ، وسمة بارزة لازمة في مدرسة السيد الشهيد (قده) بين هذه المفردات وغيرها من العلوم والمعارف ، ومن ثمّ تجده (قده) يتناول المسائل في المجال الأول معتمدا على الذوق الموضوعي ، والإدراك العقلائي المستقيم.
وبذلك استطاع أن يؤسس منهجا فريدا يتناسب مع مفردات هذا المجال وأن يؤسّس ويبدع طرائق الاستدلال الذوقي التي تعتمد الاستظهارات العرفية ، والمرتكزات العقلائية.
وبذلك أبدع نهجا فقهيا موضوعيا في مجال الاستظهار الفقهي ، خرجت على أساسه الاستظهارات من مجرد كونها مدّعيات ومصادرات ذاتية ، إلى كونها مدّعيات ونظريات يمكن الإقناع والاقتناع بها على أسس موضوعية.
أضحى من نافلة الكلام أن نقول :