... الاعتراض الثاني على التعريف المشهور :
إنّ هذا التعريف لا يشمل المسائل الأصولية التي تنتج حكما شرعيا ، وإنما تنتهي إلى ثمرة عملية للمكلفين من قبيل مباحث الأصول العملية التي هي من أمهات المباحث الأصولية ، على الرغم من أنها لا تكون في طريق إثبات الأحكام الواقعية ، وإحرازها ، لأنها ليست ناظرة إلى الواقع ، بل هي معذرة لا أكثر.
وقد أدّى هذا الاعتراض لدى صاحب الكفاية ، إلى أن يضيف قيدا ـ أو التي ينتهي إليها في مقام العمل ـ (١) على التعريف كي يكون شاملا لمسائل الأصول العملية. إلّا أنّ هذه الإضافة ليست في واقعها تعديلا في التعريف ، وإصلاحا له ، لأنّ إضافة هذا القيد لا يحقق جامعا ، وضابطا حقيقيا ، تنطوي فيه مسائل علم الأصول ، بل غاية ما تعني هذه الإضافة أن التعريف كان ناقصا غير شامل لقسم من مسائل الأصول فأريد إدراجها في التعريف مستقلا بكلمة ـ (أو) ـ وهذا ليس علاجا للتعريف ، ولم يجعله جامعا مانعا ، وإلّا لأمكن من أول الأمر عطف كل المسائل المبحوث عنها في الأصول ، ودرجها في التعريف بكلمة (أو). فيقال بأن الأصول علم بمسائل الألفاظ ، أو الملازمات العقلية ، أو الأصول العملية ، أو غير ذلك من مسائل علم الأصول وكيف كان ، هنالك محاولتان لدفع هذه المناقشة عن التعريف :
المحاولة الأولى : ما أفاده المحقق النائيني (قده) ، من أن المقصود باستنباط الحكم الشرعي ليس هو استنباط الحكم الواقعي في الشريعة ، وإنما المراد الأعم من الحكم الواقعي والظاهري الذي يثبت في موارد الأصول العملية التي لا تثبت الواقع.
وعليه فالتعريف جامع لمسائل الأصول العملية أيضا (٢). ولكن هذه المحاولة غير تامة لأنها وإن أصلحت التعريف في شموله للأصول العملية
__________________
(١) حقائق الأصول : ج ١ ص ١٥ ـ ١٦ للسيد الحكيم.
(٢) أجود التقريرات : ج ١ ص ٤ للخوئي.