والمنجز والمعذر ، وإن كانت الحجية ذاتية مع أنهم ملتزمون بخروج مبحث القطع منها.
... الاعتراض الثالث على التعريف المشهور :
إنّ هذا التعريف يشمل ما ليس من مسائل علم الأصول من قبيل القواعد الفقهية التي يستنبط منها أحكام فرعية (١) ، كقاعدة التجاوز والفراغ ، وقاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، قاعدة نفي العسر والحرج والضرر ، ونحو ذلك من القواعد الفقهية ، والتي لا يبحث عنها في علم الأصول ، فإنها كلها قواعد تمهد لاستنباط الحكم الشرعي منها.
وهذه المؤاخذة على التعريف غير صحيحة أيضا ، وذلك باعتبار أن هذه القواعد الفقهية على قسمين :
أ ـ منها ما يكون قواعد للانتهاء إلى إحراز صغرى الحكم الشرعي من قبيل قاعدة الفراغ والتجاوز ، وأصالة الصحة ونحوها ، فإنها لا تنتج أحكاما كلية ، وإنما تنتج موضوعات الأحكام ، وبذلك يكون إخراجها عن التعريف واضحا ، لأنها ليست لاستنباط الحكم الشرعي كما هو المفروض في التعريف.
ب ـ ومنها القواعد الفقهية التي يستفاد منها أحكاما شرعية كلية ، من قبيل قاعدة نفي العسر والحرج التي يستفاد منها عدم وجوب الوضوء إذا كان حرجا على المكلف.
وكذلك قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، والتي تنتج أن المقبوض بالبيع الفاسد فيه الضمان ، لأنّ البيع يضمن بصحيحه فيثبت الضمان في فاسده أيضا.
وهذه القواعد أيضا خارجة عن التعريف لأنّ المأخوذ في التعريف القواعد التي يستنبط منها حكم شرعي ، والمقصود بالحكم الشرعي الجعل الشرعي ، فلا بد أن تكون القاعدة التي يمهدها الفقيه في طريق إثبات جعل شرعي أو إقامة
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه : ج ١ ص ١٠ فياض.