ما ذكره السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ لتعريف علم الأصول
وأما السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ فقد حاول أن يميز المسائل الأصولية بأنها القواعد التي تمهد للاستنباط ، والتي يصلح كل منها أن يقع بمفرده ، ومن دون حاجة إلى ضم أي قاعدة أصولية أخرى في طريق استنباط الحكم (١) ، وعلى هذا الأساس حكم بالأصولية لكل مسألة لا تحتاج إلى ضم مسألة أصولية أخرى إليها في مجال الاستنباط وإنتاج الحكم ، من قبيل مسألة حجية خبر الثقة التي تصلح بمفردها أن يستنبط منها الحكم الشرعي من رواية الثقة ، دون حاجة إلى مسألة أصولية أخرى. وكذلك من قبيل أصالة البراءة وظهور الأمر في الوجوب ونحوها من المسائل التي تصلح أن تكون بمفردها ، ومن دون حاجة إلى قاعدة أصولية أخرى ، أن تقع في طريق إثبات الحكم الشرعي.
فمثل هذه القواعد والمسائل الصالحة بانفرادها لاستنباط الحكم تكون داخلة في علم الأصول لدى السيد الأستاذ.
أما إذا كانت المسألة بحاجة إلى ضم مسألة أخرى أصولية إليها ، لكي يمكن استنباط الحكم منها ، فلا تكون مسألة أصولية من قبيل وثاقة الراوي ، فإنها بمفردها لا تنتج الحكم بل لا بدّ من أن يضمّ إليها قاعدة أصولية أخرى مثل حجية خبر الثقة التي هي من مسائل علم الأصول ، كي يتم إنتاج الحكم الشرعي ، وكذلك دلالة كلمة الصعيد على المعنى الأعم ، وغيرها من أبحاث اللغة العربية ـ فإنها بمفردها لا تصلح لأن تقوم بعملية الاستنباط. بل لا بد علاوة على ذلك من الاستعانة بمسألة أصولية أخرى من قبيل ظهور صيغة الأمر في قوله تعالى (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) ودلالته على الوجوب.
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه : ج ١ ص ٨ فياض.