الإثباتي والسلبي ، لا تصلح أن تقع بمفردها مع الاستغناء عن مسألة أصولية في طريق الاستنباط ، فلا بد من إخراجها عن مسائل علم الأصول.
وهكذا يتضح أن ما أفاده الأستاذ ـ دام ظله ـ في التمييز بين مسائل علم الأصول وغيرها ، لا يسلم من الاعتراض الأول الذي كان يرد على التعريف المشهور.
الاعتراض الثاني :
والذي كان يدعي خروج مباحث الأصول العملية عن التعريف المشهور ، لعدم إنتاجها أحكاما شرعية واقعية ، فقد أجاب عنه الأستاذ ـ دام ظله ـ بأنا نقصد من الحكم الأعم من الظاهري والواقعي ، أي مطلق الوظيفة العملية وتحصيل المنجز والمعذر ، فيشمل التعريف الأصول اللفظية ، والعملية ، والشرعية ، والعقلية (١).
ولكن هذا الجواب الذي كان صحيحا صالحا لتعديل التعريف المشهور كما تقدم ، لا ينسجم مع تصورات السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ عن مسائل علم الأصول ، لأنه ينبثق منه نتيجتان طوليتان ، تترتب إحداهما على الأخرى ، وكلاهما مما لا يرضى بها الأستاذ.
أولا : ينتج منه أن تكون مسألة حجية القطع ، مسألة أصولية ، لأنها تقع في طريق استنباط الحجة ، والمنجز أو المعذر للحكم الشرعي ، مع أنه يصرح هناك بأنها ليست من مسائل علم الأصول.
ثانيا : لو كانت مسألة حجية القطع أصولية ، فسوف تخرج كل مسائل علم الأصول أو جلّها عن التعريف بناء على الميزان الذي أفاده الأستاذ ، لأنّ مسائل من قبيل حجية خبر الثقة ، أو الاستصحاب ، أو أصالة البراءة ، أو غيرها ، بحاجة في مقام الانتهاء إلى الوظيفة العملية إلى أن تنضم إليها مسألة حجية القطع ، حيث يقطع فيها بالحكم الظاهري ، وبذلك تخرج عن تعريف علم الأصول بناء
__________________
(١) المصدر السابق.