نقض التعريف الذي ذكره المحقق العراقي لعلم الأصول
تقدم في كلام المحقق العراقي أن المسألة الأصولية هي كل مسألة تكون ناظرة مباشرة إلى إثبات حكم شرعي ، أو خصوصية فيه ، فهي قاعدة أصولية ، وكل قاعدة لا تكون كذلك فهي ليست قاعدة أصولية إلّا أن يكون لها نظر مباشر إلى الحكم ، أو خصوصية فيه ، فمثلا صيغة (افعل) وظهورها في الوجوب ناظرة مباشرة إلى إثبات أصل الحكم الشرعي ، وهذا غير كلمة (الصعيد) فإنه يبحث فيها هل أن هذه الكلمة موضوعة في لغة العرب للتراب ، أو موضوعة لمطلق وجه الأرض في قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) فإنّ البحث في هذه الكلمة على ما تقدم ، وإن كان دخيلا في استنباط الحكم الشرعي ، وذلك فيما إذا كانت كلمة (الصعيد) موضوعا لحكم شرعي ، إلّا أنه لا ينفع في كونها قاعدة أصولية ، لأنّ البحث في نفس كلمة (صعيد) غير متعرض مباشرة لإثبات أصل الحكم ، أو خصوصية فيه.
بل تمام ما تتعرض له هذه الكلمة هو تشخيص مدلول هذه الكلمة من حيث هي ، بقطع النظر عن وقوعها موضوعا لحكم شرعي.
إذن فهي مسألة لغوية صرفة. وهكذا الحال في وثاقة زرارة مثلا ، فإنّ وثاقته بنفسها غير متعرضة لإثبات أصل الحكم ، أو خصوصية فيه ، وإن كان لها دخل في مقدمات استنباط الحكم.
فإذن تعريف المحقق العراقي القائل : بأن كل قاعدة أصولية لا بد وأن تتعرض بنفسها مباشرة إلى إثبات أصل الحكم ، أو خصوصية فيه وعليه ، فكل قاعدة تكون داخلة في مقدمات الاستنباط دخولا غير مباشر لإثبات أصل الحكم بنفسها ، أو خصوصية فيه ، فهي ليست قاعدة أصولية.