إلّا أنّ هذا التعريف غير جامع ، كما أنه غير مانع ، ولذلك يتوجه عليه اعتراضات نذكر في المقام بعضها :
الاعتراض الأول :
هو أنه يوجد هنالك قواعد تذكر في الفقه وهذه القواعد تتعرض بنفسها لإثبات أصل الحكم الشرعي ، أو خصوصية فيه ، فهي إذن واجدة لنفس النكتة التي ذكرها المحقق العراقي وعلى الرغم من هذا فهي لم تذكر في الأصول ، بل من المتفق عليه أنها ليست مسألة أصولية.
فلو كان تمام الملاك في القاعدة الأصولية هي النكتة التي ذكرها المحقق العراقي لكانت هذه القاعدة الفقهية أصولية لا محالة ، وعلى سبيل المثال نذكر اثنتين منها :
أ ـ المثال الأول : هل أن دليل الأمر إذا نسخ من الوجوب يبقى دالّا على الجواز؟ أو لا يبقى دالّا على الجواز؟.
فهنالك من يقول بأن دليل الأمر بعد نسخ الوجوب تبقى دلالته على الجواز ، وذلك بدعوى أن دليل الأمر يدلّ على شيئين : كلي الجواز ، وخصوصية الوجوب. وهنا إذا نسخ الوجوب فنسخه لا يضر ببقاء أصل الجواز ، فالجواز إذن يبقى ولا يذهب مع الوجوب في منسوخيته وهذا بحث أصولي قطعا.
وهنا بحث فقهي آخر ذكر في (المكاسب) في بحث المقبوض بالعقد الفاسد ، بحث فيه ، هل أن أدلة الإمضاء من قبيل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٢) تثبت كون السلعة مثلا مضمونة بالثمن المقرر في مقام المعاملة؟ فإذا باع كتابا بدينار مثلا ، فمقتضى أدلة الإمضاء أن يكون الكتاب مضمونا على المشتري بالدينار.
فالقاعدة هذه تثبت أولا مضمونية الكتاب ، وتثبت ثانيا كونه مضمونا بالثمن المقرر وهو الدينار.
فإذا ثبت بطلان المعاملة ، وأن الثمن لم يكن ثمنا للكتاب ، فهل يمكن أن
__________________
(١) سورة المائدة : ١.
(٢) سورة البقرة : ٢٧٥.