من حيث المادة ، ومن حيث نوع الحكم كالاستصحاب مثلا ، فيجري في كل فعل من أفعال المكلفين ، كما أنه لا يختص بنوع معين من الحكم ، فهو كما يثبت الوجوب يثبت الحرمة ، والكراهة ، وغيرها من الأحكام الخمسة.
والجامع بين هذين القسمين هو كونهما مأخوذين في الاستدلال على نحو (اللابشرط) من حيث المادة ، ويكفي في أصولية المسألة أن تكون كذلك من حيث المادة فقط ، وإن كانت مأخوذة (بشرط شيء) من حيث نوع الحكم.
المقام الثاني : عدم شمولية التعريف لغير المسائل الأصولية :
ويتضح ذلك بما يلي :
فإننا لو أخذنا مسائل علم الحديث ، أي المسائل الموجودة في الكتب الأربعة ، وهي عبارة عن الروايات ، نجد هذه المسائل لها دخل في الاستنباط ، إلّا أنّ هذا التعريف لا ينطبق عليها ، وذلك لأنها من حيث المادة مأخوذة على نحو ال (بشرط شيء) ، وذلك لأنّ الرواية الدالة على وجوب السورة ، لا يمكن أن يستفاد منها حرمة الصوم في العيدين. وحينئذ لا يصدق عليها أنها قاعدة مشتركة في الاستنباط الفقهي خاصة ، حيث قد عرفت أنها مأخوذة (بشرط شيء) من حيث المادة. فالحاصل : إن الرواية لا يستنبط منها إلّا في هذه المادة الخاصة التي تضمنتها ، وهي السورة. هذا بالنسبة إلى علم الحديث.
وكذلك بالنسبة لمسائل علم اللغة البحتة : فإنها خارجة عن هذا التعريف ، وذلك كلفظ (الصعيد) وأنه ظاهر في مطلق وجه الأرض ، أو خصوص التراب ، فإنّ هذه المسألة لا يثبت بها إلّا الحكم الذي أخذ في موضوعه لفظ (الصعيد). وأمّا ما عداه ممّا لم يؤخذ في موضوعه لفظ (الصعيد) ، فلا يثبت بها ، فهذه المسألة أيضا (بشرط شيء) من حيث المادة ، حيث لا يستنبط منها إلّا في هذه المادة الخاصة ـ أعني هذا الفعل الذي أخذ في موضوعه لفظ (الصعيد) ـ وحينئذ فلا يصدق عليها أنها قاعدة مشتركة في الاستنباط الفقهي خاصة.
وهذا هو الذي جعل علماء الأصول يتعرضون لبعض المسائل اللغوية في الأصول دون بعضها الآخر. فنراهم قد تعرضوا لكل مسألة كانت مأخوذة على