حجية القطع
أشرنا سابقا إلى أننا سوف نخرج مسألة حجية القطع عن علم الأصول ، ونوضح ذلك فنقول :
إنّ حجية القطع خارجة بنكتة أنّ علم الأصول هو العلم بالقواعد المشتركة الواقعة في القياس الأخير ، وحجية القطع لا تثبت به المقدمة ، وإنما تثبت به مقدمية المقدمات في تمام مسائل علم الأصول.
فمثلا حجية خبر الواحد هي مقدمة مشتركة واقعة في القياس الأخير لإقامة الحجة على الواقع ، لكن حجية خبر الواحد لا تثبت بحجية القطع ، وإنما تثبت بأدلتها من الروايات ، وآية النبأ ، أو غير ذلك. لكن صلاحيتها لأن تقع مقدمة لإقامة الحجة على الواقع ، ومقدميتها في هذا القياس فرع حجية القطع ، إذ لو لم يكن القطع حجة ، لم تكن حجية هذا الخبر ثابتة في علم الأصول ، لأن كل إثبات ينتهي إلى القطع ، فإذا لم يكن القطع حجة ، فلا تصلح حجية خبر الواحد لأن تقع مقدمة لإقامة الحجة على الواقع.
إذن حجية القطع ليست وظيفتها إثبات مقدمة حجية خبر الواحد مثلا ، وليس هو بنفسه مقدمة من المقدمات ، وإنما هو بنفسه تثبت به مقدمية جميع المقدمات المذكورة في علم الأصول ، فلا بد من فرض وجوده في مرتبة سابقة على علم الأصول ، وإن شئتم قلتم : كما أن في علم الفقه قواعد مشتركة ، كان ينبغي عزلها عن علم الفقه ، وجعلها في علم آخر أسبق من علم الفقه ، كذلك حجية القطع ، هي قاعدة مشتركة في تمام المسائل الأصولية لأنها دخيلة في مقدمية سائر المقدمات المبحوث عنها في علم الأصول ، ومن هذه الناحية كان لا بد من فرض كونها في مرتبة سابقة على بحث تلك المقدمات.
إلى هنا انتهى الكلام في الجهة الأولى بتمامها ثم سوف ندخل في الجهة الثانية التي يقع الكلام فيها في موضوع علم الأصول.