شخصيتها وهويتها ، ثم هو يتحرك على مستوى الترجمة لمضمون هذه الأطروحة ، وقيادة أمته بهذا الاتجاه للوصول بها إلى أهدافها ، وبهذا النموذج تبرز ظاهرة المفكر البطل القائد ، بوضوح وقوة.
لقد كان السيد الشهيد ، محمد باقر الصدر ، رضوان الله عليه ، مصداقا وترجمة حيّة لظاهرة ، المفكر القائد البطل ، وما انفكّ يتحرك على مستوى هذه الظاهرة ، حتى توّج حياته بالشهادة في سبيل الله تعالى ، كما كان الشهيد السيد الصدر علما في الفكر الإسلامي والإنساني ، قلّما يجود الزمان بمثله.
وإذا كان لم يتيسر للأمة الإسلامية بعد أن تفهم قيمة هذا الرجل العملاق في فكره وعطائه وخصبه ، لظروف ذاتية وموضوعية ، فإنّ السيد الشهيد الصدر ، قدس سرّه ، سيتحول في المستقبل من أيام أمتنا الإسلامية ، وعلى امتداد الوطن الإسلامي الكبير ، إلى (قضية) من قضاياها الكبرى ، ومصدر كما كان ، تنهل منه الأجيال ، ويستلهم منه مفكرو الأمة وأبطالها ، الأصالة والوضوح ، والثبات والشموخ.
وإذا كانت شهادة محمد باقر الصدر (قده) ومظلوميته ، وما لاقى من العنت في سبيل الله تعالى ، ستعجل في تحويله إلى قضية إسلامية ، فإنّ محمد باقر الصدر (قده) سيتحول إلى ثأر تاريخي ، تماما كما تحول جده الحسين سبط رسول الله (ص) في بداية تاريخ التجربة الإسلامية.
ويبدو أنّ توابي هذا العصر سيحملون راية المختار الثقفي ، كي لا تتكرر سلبيات (عين الوردة) من جديد ، ولكي لا يكون الزحف من أجل التكفير عن ذنب يؤنب ضمائرهم فقط ، وإنما سيكون الزحف هذه المرة من أجل تحقيق أهداف السيد الشهيد الصدر (قده) في إعادة الأمة إلى أصالتها ، وتحقيق هويتها الربانية والإنسانية ، وإرساء بنائها الشامخ ، لتكون بالتالي كما أرادها الله تعالى ، أمة وسطا ، وشهيدة على الإنسانية ، (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً.)
هذا مع يقين توّابي هذا العصر ، بأن قضية الشهيد الصدر قد أضافت إلى قضيتهم الكبرى قضية ، وأضافت إلى إصرارهم إصرارا وقوة ، وهم واثقون بأن