الشرعية أمور اعتبارية ، إلّا أنّ في الاعتبار حيثيتين إحداهما : حيثية نفس الاعتبار ، والثانية : حيثية المعتبر.
وحيثية نفس الاعتبار أمر حقيقي بعكس حيثية المعتبر التي هي أمر اعتباري وهمي. مثلا : حينما تعتبر ـ بحرا من ذهب ـ فإنّ نفس اعتبارك هذا أمر حقيقي قائم بنفسك ، وهو من الموجودات القائمة في النفس ، بينما المعتبر وهو مفهوم ـ بحر ، من ذهب ـ أمر خيالي وهمي ، وليس أمرا حقيقيا.
والجامع المطلوب في المقام ليس جامعا بلحاظ حيثية المعتبر ، وإنما هو جامع بلحاظ حيثية الاعتبار ، وهناك وجودات تشريعية حقيقية قائمة في نفس المولى ، وناشئة من اهتمامات وملاكات مولوية. وهذه الملاكات أمور حقيقية يتصور بينها الجامع الحقيقي.
التقريب الثاني : هو أيضا بالنسبة إلى علم الفقه ، وخلاصته : إنّ موضوع علم الفقه عبارة عن أمور مختلطة بعضها جوهر من قبيل الدم نجس ، وبعضها من الكيف المسموع من قبيل القراءة واجبة ، وبعضها من مقولة الوضع من قبيل الركوع واجب ، وبعضها من الأمور العدمية من قبيل التروك.
ولو أريد تصوير جامع بين موضوعات علم الفقه ، بحيث يكون جامعا حقيقيا مقوليا ، للزم تصوير الجامع بين مقولات عالية من قبيل مقولة الوضع ، ومقولة الكيف مثلا ، أو بين الوجود والعدم لأنّ موضوع المسألة في بعض مسائل علم الفقه أمر عدمي كالترك مثلا. وهذا الجامع غير معقول.
وهذا التقريب غير صحيح أيضا ، وذلك لأنه إذا اتضح لدينا التساؤل التالي يتضح عدم صحة التقريب.
وهذا التساؤل هو : ما المراد من تصوير جامع بحيث يكون موضوعا للعلم؟.
إذا كان المراد تصوير موضوع للعلم بحيث يكون جامعا بين موضوعات مسائله حسب ما دونت خارجا ، فإنّ هذا متعذر لا في علم الفقه فقط ، بل حتى