إذا كان هناك موضوعان ، بينهما عموم وخصوص مطلق ، بأن كان أحدهما أخص من الآخر ، فيكون بحث الأخص تحت بحث الأعم ، وقد استفاد من ذلك أن البحث عن عوارض الأخص لا يدخل في بحث الأعم. وهذا برهان على أن بناءهم ليس على كفاية العروض الضمني ، فضلا عن كفاية الحمل في الذاتية ، لأن العروض الضمني موجود هنا ، فإنّ عوارض النوع عارضة على الجنس عروضا ضمنيا ، مع أنهم لم يقبلوا أن يجعلوا عوارض النوع جزءا من علم الجنس ، بل جعلوه تحت ذاك العلم الذي يبحث عن الجنس.
فهذا دليل على أن مناط الذاتية عندهم ليس هو مطلق العروض ، ولو ضمنا ، فضلا عن مطلق الحمل. إذن فينحصر العرض الذاتي بخصوص الأقسام الثلاثة الأولى ، هذا الذي أفاده المحقق العراقي وهذا يرد عليه ثلاثة إشكالات :
الإشكال الأول على المحقق العراقي :
هذا الإشكال ينصب على ما استفاده المحقق العراقي من كلمات الحكماء ، وجعله دليلا على أن مرادهم من الذاتية ليست الذاتية بلحاظ الحمل ، ولا بلحاظ مطلق العروض ، بل بلحاظ العروض الاستقلالي خاصة ، بدعوى أن المحقق الطوسي وغيره جعلوا علم الجنس فوق علم النوع ، وجعلوا البحث عن عوارضه تحت علم الجنس. وهذا معناه أن عوارض النوع ليست ذاتية للجنس مع أن لها عروضا ضمنيا على الجنس.
وهذا الكلام غريب من المحقق العراقي ، وإن استشهد له بكلام المحقق الطوسي ، فكأنه قرأ جزءا من كلام الطوسي ، ولم يقرأ الجزء الآخر منه. فإنّ المحقق الطوسي في (شرح الإشارات) (١) ذكر هذه العبارة التي نقلها عنه المحقق العراقي ، وهي : إن الموضوعين إذا كان بينهما عموم وخصوص مطلق ، فالبحث عن عوارض الأخص تحت البحث عن عوارض الأعمّ ، لكن هذه التحتية ليس معناها ما فهمه المحقق العراقي وهو : (إنها تحته بمعنى أنها خارجة) ، بل
__________________
(١) شرح الإشارات والتنبيهات ـ المحقق الطوسي : ج ١ ص ٣٠٢.