المنشئية ، منشئية موضوع المسألة لمحمول المسألة ، وتوضيحه :
إنّ موضوع المسألة له نسبتان إلى محمول المسألة نسبة المحلية ونسبة المنشئية.
فتارة يلحظ موضوع المسألة بلحاظ النسبة المحلية للمحمول بما هو محل له ، ومعروض له على حد محلية الجسم للبياض ، والجسم للحركة ، وهذا اللحاظ هو الذي جرى عليه المحقق العراقي.
وتارة أخرى يلحظ موضوع المسألة بالنسبة إلى محمول المسألة بلحاظ النسبة المنشئية ، لا بلحاظ النسبة المحلية ، أي بما هو منشأ له ، وعلة له ، ومستتبع له. والذاتية بلحاظ المنشئية يختلف معناها عن الذاتية بلحاظ المحلية ، فإنّ الذاتية بلحاظ المحلية معناها ما قاله المحقق العراقي ، وهو كون العرض يعرض للموضوع حقيقة ولو بواسطة تعليلية ، فالحرارة مثلا بالنسبة إلى الماء إذا لاحظنا المحلية ، فهذه المحلية محلية حقيقية وذاتية لأن الحرارة محلها حقيقة هو الماء.
وأما النسبة المنشئية يعني كون الموضوع منشأ وعلة في إيجاد العرض ، وهذا المعنى يختلف عن المعنى لتلك النسبة المحلية ، والنسبة بينهما العموم من وجه ، فقد تجتمع الذاتية في المحلية والمنشئية ، وقد تفترقان ، ومثال الاجتماع كما في النار حارة فإنّ النار محل للحرارة ومنشئا للحرارة حقا ، ومثال الافتراق كما في حرارة الماء بسبب مجاورة النار ، فحرارة الماء هنا إذا لاحظناها مع الماء بالنسبة المحلية ، فهي عرض ذاتي ، لأن محلها هو الماء فهي عرض ذاتي للماء ، وليست عرضا ذاتيا لمجاورة النار.
وهنا أيضا إذا لاحظنا حرارة الماء في هذا المثال بالنسبة المنشئية فليس الماء منشأ حقيقيا للحرارة. فإذن صدقت المحلية الحقيقية ، ولم تصدق المنشئية. وهنا أيضا إذا لاحظنا الحرارة العارضة على موضوعها وهو الماء بسبب مجاورته للنار التي هي بمثابة الحيثية التعليلية التي صارت سببا لتسخين الماء وحرارته ، إذا لاحظنا الحرارة مع تلك الحيثية التعليلية نرى المنشئية الحقيقية ثابتة ، فإن مجاورة النار منشأ حقيقة لتسخين الماء وحرارته ولكن