للعرض ، مع فرض تمامية سائر الأجزاء ـ مادة النبات ـ وهذا تقدم توضيحه فيما سبق.
ونضيف إلى ذلك ونقول : بأنّ المنشئية قد تكون بلحاظ كون الموضوع منشأ وعلة غائية للعرض ، فإنّ العلة الغائية أيضا لها منشئية بالنسبة إلى معلولها. فإذا فرضنا أن هناك مجموعة من التدبيرات الكونية لجسم الإنسان ، فهذه التدبيرات الكونية لجسم الإنسان كلها لها علة غائية واحدة وهي صحة الإنسان ـ كون مزاجه بالنحو الفلاني المسمى بالصحة ـ إذن هذه الصحة هي علة غائية لمجموع هذه التدبيرات الطبيعية التي تكون موجبة للصحة ، ومحققة للصحة.
في هذا المقام أيضا يكون للصحة منشئية لهذه التدبيرات ولهذه العوارض ، لكن منشئية الصحة لهذه التدبيرات ليست على نحو العلة الفاعلية ، بل على نحو العلة الغائية ، ولهذا تكون متأخرة عن هذه التدبيرات وجودا كما هو شأن العلة الغائية ، فإنّ العلة الغائية متأخرة وجودا عن معلولها بحسب الخارج ، لكن لها نحو من المنشئية بتلك التدبيرات والعوارض التي تكون العلة الغائية منها هي الصحة ، وبهذا يعرف معنى قولنا فيما سبق : إنه إذا كانت مجموعة من العوارض والمحمولات مؤثرة في غرض واحد من قبيل محمولات علم الطب المؤثرة في غرض واحد وهو صحة الإنسان ، فحينئذ يمكن أن يجعل نفس هذا الغرض الواحد ، وهو صحة الإنسان ، موضوعا للعلم ، ويكون البحث عن عوارضه الذاتية بلسان البحث عن أسبابه ومقدماته وموانعه.
ويتضح معنى هذا الكلام باعتبار أن الصحة إذا كانت علة غائية لمجموعة من الأحوال والتدبيرات ، إذن فهذه العلة الغائية لها المنشئية لتلك الأحوال والتدبيرات ، فتكون تلك الأحوال والتدبيرات بمثابة الأعراض الذاتية لها ، لأن الميزان في ذاتية العرض هو المنشئية كما سبق ، والمنشئية كما تتصور في العلة الفاعلية ، كذلك تتصور في العلة الغائية ، فيصح أن يجعل علة غائية ـ ما ـ في الطبيعة موضوعا لعلم ، ويبحث في ذلك العلم عن أسباب تلك العلة في الخارج ، لأن أسبابها عوارض ذاتية لها ، بمعنى المنشئية ، باعتبار أن العلة الغائية لها نحو من المنشئية لمعلولاتها.