منشأ له ، ففي مثل هذا يكون هذا العلم علما قابلا للزوال ، لأنه يعلم بثبوت هذا المحمول للموضوع ، ولكن يحتمل زوال هذا المحمول عن الموضوع ـ إذ لا علم باستحالة أن لا يكون ثابتا له ـ.
وبحسب الحقيقة إنّ هذا الإشكال نشأ من عدم أخذ مجموع هذين الأمرين يعين الاعتبار ، وهو أن المراد بالعرض الذاتي الذاتية بلحاظ المنشئية على ما تقدم ، وأيضا هو أن مراد أولئك الذين يقولون بأن البحث يجب أن يكون عن العوارض الذاتية ، مرادهم بذلك خصوص البحث البرهاني ، يعني البحث الذي يطلب علما برهانيا ، والعلم البرهاني لا يكون إلّا بين العرض الذاتي وموضوعه. وأمّا ما بين غير العرض الذاتي وموضوعه فلا يكون برهانا. إذن فهذا الإشكال اتضح جوابه على ما بيّناه.
الإشكال الثالث على المحقق العراقي : إذا كان لا يبحث في العلم إلّا عن العوارض الذاتية ، كيف يطبق ذلك على سائر العلوم؟ وبمعنى آخر : إذا كان العرض الذي يعرض بواسطة أمر أخص عرضا غير ذاتي ، إذن فكيف نصنع في جملة العلوم التي يبحث فيها عن محمولات موضوعات المسائل وموضوع المسألة أخص من موضوع العلم؟ إذن فقد عرض المحمول على موضوع العلم بواسطة أمر أخص ، وهو محمول المسألة.
ومثال ذلك : موضوع العلم هو الجنس مثلا ، وموضوع المسألة هو النوع مثلا. والمحمول قد عرض على النوع أولا ، وعرض على الجنس بواسطة أمر أخص ، وهو النوع فيكون إذن عرضا غريبا؟.
هذا الإشكال أيضا ظهر جوابه مما قلناه ، وذلك أننا بيّنا أن العرض الذي يعرض بواسطة أمر أخص ، وإن كان غريبا ، وليس ذاتيا. ولكن يخرج من ذلك استثناء واحد برهنّا عليه ، وهو عروض الفصل على الجنس ، وعروض ما يعرض على الجنس يتبع الفصل ، فإنّ هذا عرض ذاتي كما برهنا عليه ، إذن فلا يبقى إشكال أيضا من هذه الناحية.
فلنفرض أن موضوع العلم هو الجنس ، وموضوع المسألة هو النوع ، ومحمول المسألة عرض على النوع ، وبتوسط النوع عرض على الجنس. فهذا