لا أصل لها ، فإنّه بحسب الحقيقة اللحاظ الاستقلالي ، كذلك يمكن أن يتعلق بالمعنى الحرفي ، بحيث يكون تمام التوجه إلى المعنى الحرفي ، وذلك كما لو فرض أن زيدا نعلم بأنه سافر من (كربلاء) إلى (النجف الأشرف) ، ولكن لا ندري هل أنه سافر راكبا سيارة ، أو سافر ماشيا ، فهنا السؤال عن ركوب زيد ، إنما هو عن المعنى الحرفي. فتمام التوجه وتمام اللحاظ انصبّ على هذا المعنى الحرفي ، وهو ارتباط سفر زيد بالسيارة ، أو بغيرها ، فالملحوظ استقلالا للسائل ، إنما هو المعنى الحرفي. وأمّا أصل سفره فهو معلوم ومفروغ عنه ، ومعه يكون اللحاظ استقلاليا ، ومعه لا يصح القول بأن اللحاظ الاستقلالي من مميزات المعنى الاسمي.
والصحيح ما ذهب إليه المشهور من أنّ المعاني الحرفية لا يعقل اللحاظ الاستقلالي بالنسبة إليها ، وكما هو مقتضى مبنى السيد الأستاذ أيضا ، فقالوا كما سوف يأتي فيما بعد : من أنّ الفرق بين المعاني الحرفية والاسمية ، فرق ذاتي ، وأنّ المعنى الحرفي تبعيته ليست ناشئة من اللحاظ التبعي ، بل هي تبعية ذاتية في حاق ذاته وماهيته ، وأن استقلالية المعنى الاسمي ، ليست ناشئة من اللحاظ الاستقلالي ، بل هي استقلالية ذاتية ناشئة من حاق ماهيته وذاته. وهذا معناه إنّ المعنى الحرفي سنخ معنى ذاتا ، وماهية ، هو تبعي وتعلقي ومرتبط بالغير. ومن الواضح أن الوجود سواء أكان وجودا خارجيا ، أو وجودا ذهنيا ـ وهو المعبّر عنه باللحاظ ـ هو وجود لتلك الماهية ، وإبراز لها على واقعها. فإذا كانت تلك الماهية سنخ ماهية هي ذاتا حتى في عالم الماهوية والمفهوم هي متعلقة ومرتبطة وليس لها استقلال ، إذن كيف يعقل أن توجد تلك الماهية حقيقة بوجود استقلالي!.
والحال إنه لا بد من فرض انحفاظ الماهية في كلا نحوي وجودها الذهني والخارجي ، فإذا ما بنينا على أن المعنى الحرفي ماهيته تعلقي يعني تعلّقيته تعلقية ثابتة له حتى في مرحلة الماهية والمفهوم ، حينئذ يستحيل أن يكون وجود تلك الماهية الذهني والخارجي وجودا استقلاليا ، لأنّ هذا خلف