كون اللااستقلالية مأخوذة في ماهية هذا الموجود ، وفي ذاتيته ، ففرض الوجود الاستقلالي لماهية هي ذاتا غير مستقلة ، أمر غير معقول.
وأمّا ما قد يتراءى في هذا المثال ونظائره من أنّ السائل توجّه لحاظه الاستقلالي إلى المعنى الحرفي ابتداء ، فهذا غير صحيح ، بل هذا المثال وأشباهه لا يخلو من أحد وجهين :
الوجه الأول : أن يكون السائل قد انتزع مفهوما اسميا مشيرا إلى المعنى الحرفي ، وتعلق لحاظه الاستقلالي بذلك المفهوم الاسمي المشير كما لو قال : أسألك عن كيفية ركوبه ، فإنّ مفهوم (الكيفية) هذا ، مفهوم اسمي وليس حرفيا ، لأن كلمة ـ كيفية ـ من الأسماء ، وهذا المفهوم الاسمي أخذه مثيرا إلى واقع المعنى الحرفي ـ واقع النسبة بين السفر والسيارة وغيرها ـ ففي مثل ذلك ، اللحاظ الاستقلالي ، لم يتعلق بالمعنى الحرفي نفسه ابتداء ، بل بالمفهوم الاسمي المشير إلى ذلك المعنى الحرفي ، وهو مفهوم الكيفية.
الوجه الثاني : هو أن لا يكون السائل قد انتزع مفهوما اسميا مشيرا كمفهوم الكيفية والخصوصية ونحو ذلك ، بل يستحضر المطلب نفسه من رأس ويقول : هل سافر زيد في السيارة أو ماشيا؟. وهنا بحسب الحقيقة اللحاظ الاستقلالي لم يتعلق بالمعنى الحرفي ، بل تعلق بطرفه ، أي : بالمعنى الاسمي المتخصّص بالمعنى الحرفي ، وتعلق بالمعني الحرفي بالتبع لا بالاستقلال ، لأن السؤال تعلق بإحدى حصتين في الخارج ـ السفر المقيد بالسيارة ، والسفر المقيد بالمشي ـ مع علم السائل بالجامع بين الحصتين.
إذن فاللحاظ الاستقلالي متعلق بالحصة التي هي المعني الاسمي المقيد بالمعنى الحرفي ، والتحصص والتقيد الذي هو المعنى الحرفي ملحوظ بالتبع ، لأن لحاظ الحصة هو لحاظ ضمني تبعي للتقيد لا محالة.
وعلى هذا الأساس لا يكون هذا المثال وأمثاله شاهدا على تعلق اللحاظ الاستقلالي بالمعنى الحرفي ، بل اللحاظ الاستقلالي إما أن يتعلق بمفهوم