التصديقية ، بمعنى أن الوضع ينتج الدلالة التصديقية ، حيث أن المتعهد تعهد بالإتيان باللفظ متى ما قصد تفهيم المعنى ، فقد أوجد هذا التعهد ملازمة بين الشرط والجزاء في هذه القضية الشرطية.
وهذه القضية الشرطية تتصوّر على ثلاثة أنحاء :
النحول الأول :
أن يتعهد الواضع بأنه متى ما قصد تفهيم المعنى ، أتى باللفظ ، بحيث يكون الشرط في القضية الشرطية ، هو قصد تفهيم المعنى ، والجزاء فيها ، هو الإتيان باللفظ. هذا النحو مطابق مع ظاهر كلمات السيد الأستاذ ؛ إن كان التعهد منصبّا على قضية شرطية بهذا النحو من التعهد.
وبهذه الصيغة ، فمن الواضح أن هذا لا يحقق دلالة اللفظ على المعنى ، لأنّ هذا النحو من التعهد يستوجب أن الشرط يستلزم الجزاء ، لا أن الجزاء يستلزم الشرط. والشرط هنا هو قصد تفهيم المعنى ، والجزاء هو الإتيان باللفظ.
إذن فقصد تفهيم المعنى ، يستلزم الإتيان باللفظ ، إذن فيدل على اللفظ ، لكن ليس معنى هذا ، أن الإتيان باللفظ يدلّ على قصد تفهيم المعنى الذي هو المقصود في المقام. فإنّ المقصود في المقام بيان نكتة تستوجب دلالة اللفظ على قصد تفهيم المعنى ، لا دلالة قصد تفهيم المعنى على اللفظ.
وهنا إذا فرضنا أن التعهد تعلق بقضية شرطية ، شرطها ، قصد تفهيم المعنى ، وجزاؤها ، هو الإتيان باللفظ ، ومن المعلوم أن كل قضية شرطية مقتضى طبعها أنّ شرطها يستلزم جزاءها ، وليس فيها اقتضاء لاستلزام جزائها لشرطها ؛ إذن فيكون الشرط دالّا على الجزاء ، لا أن الجزاء دالّ على الشرط ، إذن فما حصل بالتعهد ليس هو المطلوب ، وما هو المطلوب لا يحصل بهذا التعهد ، فما حصل بهذا التعهد ، هو دلالة قصد تفهيم المعنى على اللفظ ، وما هو المقصود بالتعهد ، دلالة اللفظ على قصد تفهيم المعنى ، وأحدهما غير الآخر.