إذن فلا يمكن تصحيح هذه الدلالة الموجودة بالفعل للّفظ على المعنى ، بتعلق التعهد بهذه القضية الشرطية بهذا النحو.
النحو الثاني :
هو أن يقال بأنّ الواضع يتعهد بعكس النحو الأول من التعهد : فهو يتعهد بأنّه متى ما صدر على لسانه كلمة (ماء) فهو سوف يحدث في نفسه قصدا لتفهيم المعنى ، إذا كان الواضع يتعهد بقضية مثل هذه ، فحينئذ يكون الشرط هنا مستلزما للجزاء ، ودالّا عليه. فيثبت بذلك دلالة اللفظ على المعنى بالنحو المطلوب.
ويردّ عليه : إنه لو صدرت لفظة (ماء) سهوا من هذا الإنسان ، حينئذ نعلم أن هذا الإنسان سوف يحدث في نفسه قصدا لتفهيم المعنى.
إلّا أنّه من الواضح أنّ مثل هذه القضية الشرطية لا يتعهد بها عاقل ، فإنّ الإتيان باللفظ في عالم الاستعمال اللغوي ، هو في طول قصد تفهيم المعنى ، لا إنه متى ما أتى باللفظ أحدث حينئذ قصد تفهيم المعنى ، فالتعهد في مثل هذه القضية الشرطية غير محتمل في المقام ، وهذا النحو الثاني باطل أيضا.
النحو الثالث :
هو أن يتعهد الواضع بأنه لا ينطق بلفظة (أسد) إلّا حين يقصد فيها تفهيم معنى الحيوان المفترس ، فحينئذ يتعهد بأنه إذا لم يكن قاصدا لتفهيم معنى الحيوان المفترس لا يأتي بلفظة (أسد). هذا هو مفاد القضية الشرطية المتعهد بها ، حينئذ إذا انتفى الجزاء يعني إذا أتى بلفظ (أسد) فنستكشف من ذلك أنه قصد تفهيم المعنى ، أو أننا نستكشف من ذلك انتفاء الشرط ، يعني أنه قد قصد تفهيم المعنى ، هذا هو النحو الثالث المتصوّر.
وبعبارة أوضح ، إن الواضع يتعهد بأنه إذا لم يكن قاصدا لتفهيم المعنى ، لا يأتي باللفظ وحينئذ ، إذا أتى باللفظ نستكشف كذب الشرط ، يعني أنه قاصد لتفهيم المعنى. وهذا النحو ، نحو معقول بنفسه ، وعقلائي. كما أنه يحدث