المفاهيم المتحصلة والموازية ، لما في الخارج من قبيل مفهوم ، إنسان ، وبقر ، وهواء وبياض ونحو ذلك ، والمعقولات الثانوية هي المفاهيم المتحصلة في طول المعقولات الأولية من أفق وجود المعقولات الأولية ، وذلك بعد أن نتصور البقر ، والحيوان ، والناطق ، حينئذ نفصّل فنقول : البقر نوع ، والحيوان جنس ، والناطق فصل ، فالفصلية والحيوانية والناطقية ، مفاهيم اسمية ومعقولات ثانوية. وهذا الموجود نفسه بالنسبة للمفاهيم الاسمية في المنطق ، يتصوّر شبيه له بالنسبة للمفاهيم الحرفية ، والنسب الحرفية ، فإنّ النسب الحرفية على قسمين :
القسم الأول : النسب الحرفية التي توازي ما في الخارج من قبيل نسبة الظرفية بين النار والموقد ، التي موطنها الأصلي هو الخارج. وهذه نسميها بالنسب الأولية ، حيث أنّ الذهن طفيلي فيها على الخارج ، والبرهان المتقدم على أنّ مفاد الحروف هو النسب التحليلية لا النسب الواقعية ولو ذهنا ، هذا منظور فيه هذا القسم ، وهو النسب الأولية من قبيل (في) الموضوعة للنسبة الظرفية في قولنا : النار في الموقد. وكذلك من قبيل (عن ، على ، من ، إلى) ، ونحو ذلك من النسب التي ، أصل موطنها هو الخارج ، والذهن عيال فيها على الخارج ، فإنّ في مثل هذه النسب ، البرهان الذي ذكرناه ، لا محيص عنه ، حيث أننا إذا أحضرنا في الذهن شيئين متغايرين ، استحال الربط بينهما كما تقدم بالبرهان.
القسم الثاني : النسب الحرفية التي موطنها الأصلي هو الذهن ، وهذه نسميها بالنسب الثانوية ، فهي بحسب الحقيقة ليست متحصلة ومنتزعة من الخارج ، بل من نفس أفق الوجود الذهني للقضية ، من قبيل النسبة الاستثنائية ، والتوكيدية ، والتحقيقية ، والإضرابية ، وكثير من هذه النسب.
فمثلا : النسبة الإضرابية التي هي مدلول لحرف الإضراب في قولنا : جاء زيد بل عمر ، فالحرف هنا يدل على النسبة الإضرابية ، وهذه النسبة الإضرابية موطنها الأصلي هو الذهن ، وليس الخارج. إذ لو لم يكن ذهن وحاكم ،