إذن فلا يقتضي مبنى التعهد إبطال المسلك الأول وتعين المسلك الثاني. فغاية ما يقتضيه مسلك التعهد هو أن المتعهّد به يجب أن يكون قصدا نفسانيا.
أمّا ما هو هذا القصد النفساني؟.
فالمشهور يقولون : هو قصد إخطار النسبة تصورا في ذهن السامع. والسيد الأستاذ يقول : هو قصد الحكاية عن وقوع هذه النسبة ، فكلاهما يقول بالقصد النفساني ، إذن فالخلاف بين المسلكين لا ربط له بمسألة التعهد.
الاعتراض الثالث :
وهذا الاعتراض كأنه مبني على أصل موضوعي ، وحاصل هذا الأصل هو :
إن الجملة (زيد عالم) : تختلف عن سائر الكلمات الإفرادية ، فالكلمات الإفرادية ليس لها دلالة تصديقية ، وإنما لها دلالة تصورية.
وأمّا جملة (زيد عالم) : فلها دلالة تصديقية ، بمعنى أنها توجب التصديق ولو ظنا من قبل السامع بمدلولها ، وحينئذ إن كان مدلول هذه الجملة هو النسبة كما ذهب إليه المشهور ، إذن فيلزم أن لا يكون لها دلالة تصديقية ، إذ من الواضح أن مجرد سماع هذه الجملة من إنسان لا يكفي للتصديق بوقوع النسبة خارجا ، ما لم نفحص عن أحواله ، وأنه ثقة أو غير ثقة. فكثيرا ما نسمع الكلام ونحن نقطع بعدمه ، وهذا بخلاف ما لو قلنا بأن مفاد الجملة هو قصد الحكاية ، فالدلالة التصديقية محفوظة في المقام ، لأنه متى ما سمعنا هذه الجملة ، فبمقتضى الطبع الأولي أن نميل إلى الاعتقاد بأن المتكلم يقصد الحكاية سواء أكان صادقا ، أو كاذبا ، فهو بالتالي يقصد الحكاية ، وهذه دلالة تصديقية.
وهذا الاعتراض ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأننا تارة نبني على