مسلك التعهد في باب الوضع ، وأخرى نبني على المسلك المشهوري.
فإن بنينا على المسلك الحق المشهوري : فقد تبين سابقا أن الدلالة التي تنشأ من الوضع ، دلالة تصورية دائما سواء في الجمل ، أو في الكلمات الإفرادية.
ففي الجمل مثل قولنا : (زيد عالم) ، حينما توضع هذه الجملة للنسبة ، غاية ما يطلب من هذا الوضع هو أن يكون للجملة دلالة تصورية على النسبة ، بحيث ينتقش في ذهن السامع صورة النسبة تصورا كما هو الحال في كلمة (نار) الإفرادية ، حيث ينتقش صورة النار تصورا في ذهن السامع. أما الدلالة التصديقية ليست من شأن الوضع ، بل هي تنشأ من جذورات حالية ، وسياقية ، وأمارات نوعية ، كما سوف يأتي توضيحه.
وأمّا بناء على مسلك التعهد في الوضع ، حينئذ تكون الدلالة الوضعية دائما دلالة تصديقية حتى في الكلمات الإفرادية ، فضلا عن الجمل التامة ، فحينما يقول (نار) فمعنى هذا أنه يتعهد متى ما أتى بهذا اللفظ هو يقصد إخطار هذا المعنى ، فيستكشف بالدلالة الوضعية أن المتكلم يوجد في نفسه قصد إخطار هذا المعنى ، وهذه دلالة تصديقية. وكذلك الحال في الجمل التامة.
غاية الأمر أن ما هو هذا القصد النفساني؟.
فالمشهور يقول : هو قصد إخطار النسبة ، والسيد الأستاذ يقول : هو قصد الحكاية ، إذن بناء على مسلك التعهد ، فالدلالة الوضعية دائما تصديقية سواء قلنا بأن الجملة موضوعة بقصد إخطار النسبة ، أو بقصد الحكاية عن النسبة ، فكون الدلالة تصديقية. خارجا عن موضع النزاع ، بين المسلك الأول المشهوري ، والمسلك الثاني.
الاعتراض الرابع :
وحاصل هذا الاعتراض أن المشهور يبنون على أن الجملة موضوعة