للنسبة ، ويفرقون بين الجملة التامة والجملة الناقصة ، بأن الأولى تدل على النسبة التامة ، والثانية تدل على النسبة الناقصة. وهذا التفسير للفرق بين الجملتين اعترض عليه السيد الأستاذ بأنه لا يمكن أن نتعقله ، لأننا لا نتصور في النسبة ، التمامية والنقصان ، لأن النسبة ليست شيئا يزيد وينقص ، حتى يقال تارة تامة فتكون مدلولة لجملة (زيد عالم) وأخرى ناقصة فاقدة لبعض حيثياتها فتكون مدلولة لجملة (علم زيد). فالنسبة أمر بسيط غير قابل للزيادة والنقصان ، فالتفرقة بين الجملتين بما ذهب إليه المشهور ، إنما يتم لو تعقلنا التمامية والنقصان في النسبة ، ومع عدم تعقل ذلك ، لا نتصور نسبتين حتى نتصور فرقا بين الجملتين ، فالمشهور يعجزون عن إعطاء تفسير لهذا الفرق بين الجملتين ، بحيث إحداهما تامة يصح السكوت عليها ، والأخرى ناقصة لا يصح السكوت عليها. وهذا بخلاف ما إذا بنينا على المسلك الثاني ، وقلنا : بأن الجملة الناقصة موضوعة للتحصيص ـ للنسبة التحصيصية ـ فتكون دالة على النسبة التحصيصية بنحو الدلالة التصورية ، والجملة التامة موضوعة لقصد الحكاية بنحو الدلالة التصديقية.
وبهذا يتحصل الفرق بين الجملتين ، وحاصله : إنّ الجملة التامة لها دلالة تصديقية باعتبار أنها موضوعة لإبراز قصد الحكاية ، والجملة الناقصة موضوعة للتحصيص من دون أن تتضمن الدلالة التصديقية على قصد الحكاية ، فالنسبة التامة والناقصة مرجعهما إلى الدلالة التصديقية والتصورية. فمتى ما كان للجملة دلالة تصورية ، فالنسبة ناقصة ، ومتى ما كان لها دلالة تصديقية فالنسبة تامة.
والتحقيق في ذلك أن التمامية والنقصان من شئون النسبة في عالم التصور المحض ، وفي المرتبة السابقة على طرو التصديق ، أو طرو النفي. فالنسبة في عالم التصور هي تارة تكون تامة ، وأخرى تكون ناقصة. وليس منشأ الفرق هو التصديق وقصد الحكاية في إحدى الجملتين دون الأخرى ، بل لا بد من تصوير فرق بين الجملتين في عالم التصور المحض. ومما يشهد