يحدث في نفسه قصد تفهيم المعنى ، فهذا اللفظ هو الشرط ، والمعنى هو الجزاء ؛ فاللفظ يستلزم المعنى ، لكن هذه الصيغة في نفسها غير عقلائية ، فإن إنسانا لا يتعهد بمثل هذا التعهد.
والصيغة الثالثة : وهي أن يتعهد ، بأنه متى ما كان غير قاصد لتفهيم المعنى لا يأتي باللفظ ، فإذا كذب الجزاء استكشف من ذلك كذب الشرط أيضا ، يعني قصد التفهيم ، وهذا نحو معقول في نفسه ، ويحقق الدلالة دلالة اللفظ على المعنى ، لكنه غير واقع خارجا ، وذلك لأنه يستلزم تعهدا ضمنيا من الواضع بعدم الاستعمال المجازي ، وهذه هي الشقوق الثلاثة.
تعديل الصيغة الثالثة والرد على هذا التعديل :
الكلمة الأولى التي أوردناها على مبنى التعهد ، تقدم توضيحها ، حيث تصورنا ثلاث صيغ لهذه القضية الشرطية التي يتعلق التعهد بها ، وكل واحدة من هذه الصيغ الثلاثة التي تصورنا تعلق التعهد بها ، هي : إمّا صيغة غير عقلائية في نفسها كالصيغة الثانية ، أو فيها محذور كالصيغة الثالثة ، أو لا تنتج الدلالة كالصيغة الأولى.
وقد يقال بأنه يمكن تصوير صيغة رابعة في المقام ، وهذه الصيغة الرابعة تكون تعديلا للصيغة الثالثة ، بحيث يندفع عنها الإشكال الذي أوردناه سابقا عليها ، فإنّ الصيغة الثالثة التي بيّناها سابقا هي : أن يتعهد الواضع بأنه لا يأتي باللفظ إلّا إذا قصد تفهيم المعنى ؛ يعني إنّ القضية الشرطية التي تعهد بها هي أنه متى ما لم يكن قاصدا تفهيم المعنى لا يأتي باللفظ ، فحينئذ إذا أتى باللفظ وكذب الجزاء ، استكشف من ذلك كذب الشرط. أي إنه قاصد لتفهيم المعنى. وقد أوردنا على هذه الصيغة أنها تستلزم التعهد الضمني بعدم الاستعمال المجازي ، لأنه إذا تعهد بأنه لا يأتي باللفظ إلّا إذا كان قاصدا لتفهيم المعنى ، إذن فهذا تعهد ضمنا بأن لا يستعمل لفظة (أسد) في الرجل الشجاع مثلا ، مع أن الواضع لا يتعهد بعدم الاستعمال المجازي ، بل قد يكون حين الوضع بانيا ولو احتمالا على الاستعمال المجازي ، فلا يعقل صدور مثل