سائر الجمل الأخرى كجملة التمني «ليت الرسول حي» ، أيضا تدل تصديقا على أمر نفساني ، وهو تمني أن يكون النبي (ص) حيا.
هذا هو المنهج العام في هذا الباب على مسلك السيد الأستاذ. وقد قلنا فيما سبق إنّ هذه الدلالات التصديقية مقبولة ، ولكنها ليست هي الدلالات الوضعية ، بل هي دلالات ناشئة من القرائن الحالية والسياقية ، فهي في طول الدلالات الوضعية. وكلامنا هنا في تشخيص الدلالة التصورية ، لا التصديقية ، وفي تشخيص المعنى الموضوع له. فهذه الدلالات التصديقية خارجة عن محل الكلام ، وبهذا ينتهي الكلام إلى المسلك المشهور.
مسلك المشهور : تقسم الجملة الإنشائية إلى قسمين :
القسم الأول : منها الجملة الإنشائية التي هي بلفظها تستعمل تارة في مقام الإخبار ، وأخرى في مقام الإنشاء من قبيل «أنت طالق» فإنها جملة خبرية اسمية ، تستعمل بنفسها في مقام الإخبار تارة ، وفي مقام الإنشاء أخرى. ومن قبيل «بعت الكتاب بدينار» فإنها جملة خبرية فعلية ، تستعمل في مقام الإنشاء تارة ، وأخرى في مقام الإخبار.
القسم الثاني : منها الجمل المتمحضة في الإنشاء من قبيل الجملة الاستفهامية «هل زيد عالم» فهذه الجملة لا تستعمل في مقام الإخبار بل في الاستفهام.
أمّا القسم الأول : فليس فيه شيء جديد غير ما قلناه سابقا ، فإن المدلول التصوري الوضعي في مقام الإنشاء والإخبار واحد ، وهو النسبة التامة التصادقية. وأمّا الإنشائية والإخبارية فهي من شئون الدلالة التصديقية ، بحيث إذا كان داعي المتكلم هو قصد الحكاية عن النسبة التصادقية ، فهو في مقام الإخبار ، فتكون إذن الجملة خبرية ، وإن كان داعيه هو قصد اعتبار وإيجاد هذه النسبة اعتبارا ، بحيث أن ما في نفسه هو قصد اعتبار الطلاق والبينونة بينه وبين زوجه ، فحينئذ تكون الجملة إنشائية.