وأمّا القسم الثاني : الذي هو من قبيل قولنا «هل زيد عالم» ، فهنا «زيد عالم» مدلولها الوضعي التصوري هو النسبة التامة التصادقية القائمة بين الطرفين الذهنيين ، كما مر. ولكن الكلام في المدلول الوضعي التصوري لكلمة «هل». ومما لا شك فيه أن مدلولها هذا ليس هو الاستفهام ابتداء ، بما هو مفهوم اسمي ، فلا يمكن أن يقال بأن «هل» تدل على هذا المفهوم الاسمي استقلالا ، ولكن لا إشكال في أنه يفهم من جملة هل زيد عالم الاستفهام إذن فلا بدّ من تصوير أنه كيف يفهم الاستفهام من هذه الجملة؟.
ويقال في هذا المقام : أن الاستفهام حقيقة قائمة بين المستفهم وبين النسبة التامة المستفهم عنها ، فنتصور هنا نسبتين : إحداهما النسبة التامة التصادقية ، وهي نسبة «زيد عالم» ، والأخرى نسبة ثانية قائمة بين الاستفهام وبين نسبة «زيد عالم» ، وفي تصوير هذه النسبة بناء على مسلك المشهور يوجد وجوه نذكر منها وجهين معقولين :
الوجه الأول : وهذا الوجه هو مختار (١) المحقق العراقي (قده) ، وحاصله : إنّ «هل» تدل على هذه النسبة الثانية التي أحد طرفيها هي نسبة «زيد عالم» والطرف الآخر هو الاستفهام بحيث أن الاستفهام بما هو مفهوم اسمي أخذ قيدا في مدلول «هل» المطابقي. «فهل» تدل على هذه النسبة ، بحيث أن مدلولها المطابقي هو نسبة الاستفهام ، ويكون الاستفهام قيدا في هذه النسبة.
وبهذا تمت العناصر الثلاثة النسبة والطرفان. النسبة مدلول عليها «بهل» وأحد طرفي هذه النسبة هو الاستفهام الذي أخذ قيدا في مدلول «هل» ، والطرف الآخر للنسبة مدلول عليه بجملة «زيد عالم».
فبناء على هذا «هل» تدل على النسبة التي هي معنى حرفي بحيث أخذ فيه الاستفهام قيدا بما هو مفهوم اسمي ، كما تقدم في هيئة «ضرب» التي تدل
__________________
(١) بدائع الأفكار : الآملي : ج ١ / ص ٦٣ ـ ٦٤ ـ ٦٥.