على النسبة الصدورية المأخوذ معها الذات المبهمة بما هي مفهوم اسمي قيدا في مدلول هيئة الفعل ، فهنا أيضا كذلك مدلول «هل» نسبة مقيدة بأحد طرفيها ، والطرف الآخر مدلول عليه بزيد عالم ، فالدال على الاستفهام هو نفس الدال على هذه النسبة الثانية أيضا تبعا وضمنا.
الوجه الثاني : وهذا الوجه هو مختار المحقق الأصفهاني (قده) وحاصله (١) : إنّ الاستفهام حالة قائمة بين المستفهم والمستفهم عنه ، بين خالد المستفهم وبين «زيد عالم» المستفهم عنه ، وهذه الحالة هي حالة طلب الفهم ينتزع عنها مفهوم اسمي ، وهو مفهوم الاستفهام. وفي طول هذه الحالة ينشأ ربط مخصوص لا محالة بين المستفهم والقضية المستفهم عنها ، بحيث يتحصل من ذاك الربط المخصوص معنى حرفي نسبي ، وهذا المعنى الحرفي النسبي هو مفاد أداة الاستفهام.
ففي موارد الاستفهام عندنا أمران : حالة قائمة بين المستفهم والمستفهم عنه ، وهذه الحالة ينتزع منها مفهوم اسمي مدلول عليه بلفظة الاستفهام ، وفي طول هذه الحالة يوجد ربط مخصوص بين المستفهم ، وهو خالد ، والمستفهم عنه وهو قضية زيد عالم. وهذا الربط المخصوص يتحصل منه معنى حرفي نسبي ، مدلول عليه بلفظة «هل». ويعبّر عن هذا الربط المخصوص بالنسبة الاستفهامية ، لكن لا يراد بها النسبة بين الاستفهام والقضية ، بل النسبة والربط المخصوص بين ذات المستفهم والقضية المستفهم عنها.
وهذا الوجه يختلف عن سابقه في حقيقة تلك النسبة وأطرافها ، فالنسبة التي اختارها المحقق العراقي بأنها مفاد أداة الاستفهام ، نسبة قائمة بين الاستفهام والقضية المستفهم عنها ، وهذا بخلاف ما اختاره المحقق الأصفهاني ، فهذه النسبة نسبة قائمة بين الذات المستفهمة وبين القضية المستفهم عنها. وهذه النسبة موازية مع الاستفهام ، لا إنّ الاستفهام طرف لها ،
__________________
(١) نهاية الدراية ـ الأصفهاني : ج ١ / ص ٣٠ بتصرف.