ويترتب على ذلك أن نفس مفهوم الاستفهام بناء على تصوير المحقق الأصفهاني خارج عن حريم مدلول «هل» وليس مأخوذا حتى بنحو القيدية. فمفاد «هل» عبارة عن النسبة الاستفهامية الموازية للاستفهام.
نعم كلمة «هل» تدل على مفهوم الاستفهام بالدلالة الالتزامية التصورية ، باعتبار أن الربط المخصوص بين الذات المستفهمة والقضية المستفهم عنها ، هو من نتائج الاستفهام. فأداة الاستفهام الموضوعة لإفادة ذلك الربط المخصوص تدل تصورا بالمطابقة على ذلك الربط ، وتدل بالدلالة التصورية الالتزامية على مفهوم الاستفهام. وهذا بخلاف مبنى المحقق العراقي حيث أن الاستفهام كان مدلولا عليه بالدلالة التبعية الضمنية ، باعتباره قيدا في المعنى.
تحقيق المطلب :
هناك تصوير ثالث لا يدع مجالا لهذين الوجهين في مقام تشخيص مفاد «هل» وأمثالها في الجمل الإنشائية ، وحاصل هذا الوجه هو :
إنّ كلا الوجهين يشتركان في نكتة وهي أنه لا بد من تصوير نسبتين : نسبة تصادقية تكون هي مفاد «زيد عالم» ، ونسبة أخرى تكون هي مفاد أداة الاستفهام ، ولكن هذا غير صحيح بعد التأمل في حقيقة النسبة التصادقية بالنحو الذي شرحناه ، وتوضيح ذلك :
إنّ النسبة التصادقية لها ثلاث أطراف وذلك لان طرفين منها هما زيد وعالم ، والطرف الثالث هو ما فيه التصادق ، لأن «زيد وعالم» مفهومان متغايران قائمان في عالم الذهن ، ونحن نقول : إنّ هذين المفهومين بينهما تصادق ، وما فيه التصادق هو مقوّم ثالث للنسبة التصادقية ، إذ لا يعقل التصادق بين هذين المفهومين المتغايرين ، إلّا بوجود ما فيه التصادق ، وبلحاظ وعاء من الأوعية. إذن فلا بدّ من لحاظ ما فيه التصادق حتّى يتم بذلك أركان النسبة التصادقية. وما فيه التصادق يختلف : ففي القضايا الخبرية «زيد عالم» وعاء التصادق هو وعاء التحقق ، حيث كلا الطرفين يتصادقان ، ويتطابقان على