وإن ألغينا خصوصيات الأطراف فقد ألغينا النسبة نفسها لأنها متقومة ذاتا بشخص هذين الطرفين ، إذن فلم نحصل على شيء ليكون جامعا.
فبهذا البرهان يمتنع الجامع الذاتي بين النسب الواقعية ، وحينئذ يتعين أن يكون الحرف موضوعا بإزاء أفراد هذه النسب في عالم الذهن ، وهذا هو معنى أن الموضوع له خاص ، وعلى هذا يتعين أن يكون الوضع عاما والموضوع له خاصا ، وذلك بأن يتصور الواضع مفهوما إجماليا ، ويشير به إلى أشخاص النسب التصادقية ، أو إلى أشخاص النسب الإضرابية ، أو غير ذلك من النسب الواقعية ، ويضع اللفظ بإزاء أولئك الأشخاص ، فيكون الوضع عاما والموضوع لها خاصا.
الجهة الثانية ـ موارد النسب التحليلية :
لقد مرّ بنا سابقا ، أن كل نسبة يكون موطنها الأصلي هو الخارج ، ويكون الحرف دالا عليها ، تكون نسبة تحليلية لا واقعية ، قائمة في صقع الذهن ، بل في الذهن وجود واحد مركب ، أحد أجزائه التحليلية هو النسبة كما في قولنا «النار في الموقد» ، حينئذ يقع الكلام ، في أن الموضوع له الحرف عام أو خاص.
وبحسب الحقيقة لا بد من الكلام بنحو أسبق من ذلك ، وهو : إنّ الحرف ليس له وضع مستقل بنفسه ، فالبحث في أن الموضوع له الحرف ما هو ، فالحقيقة إنّ هذا البحث فرع التسليم بأن الحرف له وضع مستقل في نفسه. ومن الواضح أن الحرف ليس له وضع مستقل بحيث تكون جملة «النار في الموقد» لها ثلاثة معان بنحو تعدد الدال والمدلول بمعنى وجود ثلاث انتقالات ذهنية ، مع أنه برهنا على عدم وجود ثلاثة انتقالات ووجودات ، فلا يوجد في عالم الذهن بإزاء هذه الجملة إلّا وجود لحاظي وانتقالي واحد. حينئذ يقع الكلام في هذا الوضع الوحداني لهذه الجملة ، ولا شك في أن هذا الوضع هو بنحو الوضع العام ، والموضوع له الخاص لأن الواضع بعد أن