المفترس. ولهذا كان وضعا نوعيا ، لأن الواضع لم يضع كل لفظ لكل معنى من معانيه المجازية ، بل بنحو واحد وضع كل لفظ لما يناسب معناه الحقيقي. فيكون عندنا وضعان : وضع للحيوان المفترس بعنوانه الأصلي ، ووضع للرجل الشجاع لا بعنوانه ، بل بما هو مناسب ، ومشاكل للحيوان المفترس.
ويرد على هذا الوجه :
لزوم العرضية بين الدلالتين : بين دلالة اللفظ على المعنى الحقيقي ، ودلالته على المعنى المجازي. ولا يمكن تصوير كون دلالة اللفظ على المعنى المجازي أنها فرع عدم تمامية دلالته على المعنى الحقيقي ، لأن حال اللفظ بناء على هذا الوجه يكون حال لفظ له معنيان في عرض واحد يستوجب عرضية الدلالتين ، فلما ذا تكون دلالة اللفظ على المعنى المجازي في طول بطلان دلالته على المعنى الحقيقي!. بل بناء على هذا الوجه ، لا يمكن أيضا تصوير الطولية بين نفس المعاني المجازية ، مع أنه لا إشكال في أن دلالة اللفظ على المعنى المجازي الفلاني ، إنما هو في طول عدم تمامية دلالته على المعنى المجازي الأقرب. فإذا كان ميزان الدلالة هو الوضع ، والوضع نسبته إلى تمام المعاني المجازية على حد واحد ، إذن كيف نتصور الأقربية والأبعدية!. فهذا الوجه غير تام لأنه لا يفسّر طولية المعاني المجازية بالنسبة إلى المعنى الحقيقي في عالم الدلالة ، ولا يفسّر الطولية في نفس المعاني المجازية بعضها مع بعض.
الوجه الثالث :
ويقال في هذا الوجه : إنّ العناية الزائدة هي عبارة عن أن قدماء اللغة ومؤسسيها ، قد فتحوا باب المجاز ، واستعملوا اللفظ في المعاني المجازية ، فلو فرض أن قدماء اللغة قد استعملوا اللفظ في المعنى المجازي ، صحّ لنا أن نستعمل ، وإذا لم يكونوا قد استعملوه ، فلا يصح لنا أن نستعمل.