وقد ذكر المحقق العراقي (١) الذي اختار هذا الوجه في مقام تقريبه ، إنه إذا لم يكن هذا الاستعمال قد جرى على لسان قدماء اللغة العربية مثلا ، إذن فلا يكون هذا الاستعمال عربيا ، لأن المراد من كونه عربيا أنه جار على طبق ما كان يستعمل العرب ، فإذا لم يكن العرب قد استعملوه ، فلا يكون هذا عربيا ، وهذا هو معنى عدم صحة الاستعمال.
وهذا الوجه أضعف من سابقيه ، وذلك لأننا ننقل الكلام إلى أولئك القدماء الأولين الذين استعملوا اللفظ في المعنى المجازي ، فهل كان استعمالهم مستندا إلى وضع ، أو بلا وضع اكتفاء بالطبع؟.
فإن كان مستندا إلى وضع ، إذن رجع الأمر إلى الوجهين السابقين.
وإن كان صحيحا بلا وضع ، باعتبار أن نفس وضع اللفظ للمعنى الحقيقي ، يكفي لتصحيح الاستعمال في المعاني المجازية ، إذن فنفس ما صحّح لهم الاستعمال ، يصحّح لنا كذلك في عرض واحد ، بلا حاجة إلى توقف على صدور الاستعمال منهم.
وأمّا دعوى أنه لو لم يصدر الاستعمال منهم لما كان عربيا : فهذه الدعوى غير صحيحة ، لأن المراد من الكلام العربي هو ما كان صحيحا بلحاظ أوضاع اللغة العربية ، لا الكلام الذي يكون بشخصه قد جرى على لسان العرب الأوائل. فهذا الوجه غير تام.
الوجه الرابع :
وهذا الوجه يظهر من كلام صاحب الكفاية (٢) (قده) كأنّه فسّر هذه العناية الزائدة بالترخيص من قبل الشارع ـ الواضع ـ فقال : بأن استعمال اللفظ في المعنى المجازي ، يتوقف على إذن الواضع وترخيصه في ذلك. فإن هو رخص
__________________
(١) بدائع الأصول ـ الآملي : ج ١ / ص ٨٧.
(٢) كفاية الأصول ـ مشكيني ج ص ١٩.