الجهة الأولى : في إطلاق اللفظ ، وإرادة نوعه ، وصنفه ، ومثله.
الجهة الثانية : في إطلاق اللفظ ، وإرادة شخصه.
الجهة الأولى :
أما الجهة الأولى ، وهي إطلاق اللفظ وإرادة نوعه وصنفه ومثله : فقد ذهب بعضهم إلى أن إطلاق اللفظ ، وإرادة النوع ، أو الصنف ، هذا بابه باب الإيجاد ، وليس باب الحكاية ، بل ذهب السيد الأستاذ (١) إلى أنّ إطلاق اللفظ وإرادة المثل أيضا من باب الإيجاد ، وليس من باب الحكاية. وقالوا في تقريب ذلك : إنّ الوسيلة الحكائية إنما تعتمد فيما إذا كان إيجاد الموضوع خارجا متعذرا. وأما إذا كان بالإمكان إيجاد نفس الموضوع خارجا ، فلا معنى لتبعيد المسافة ، وإيجاد أمر حاك عنه ، وفي المقام : إن كان الموضوع هو النوع فيمكن إيجاده ، لأن النوع كلي ، والكلي يوجد بوجود فرده ، وكذلك الحال فيما إذا كان الموضوع هو الصنف والمثل ، غاية الأمر أن الموضوع حينئذ بحاجة إلى تقييد ، لأن الموضوع ليس هو «ضرب» على الإطلاق ، بل مقيد «في ضرب زيد». ففي الصنف وفي المثل ، الموضوع هو عبارة عن الجامع المقيّد ، فالجامع أوجد بنفسه ، وتقييده بصنف مخصوص ، أو بمثل مخصوص ، هذا مدلول عليه بالحرف ، فنقول : «ضرب في ضرب زيد». وهكذا رجع الأمر في الثلاثة إلى باب الإيجاد ، لا الحكاية.
ولكن يتضح على ضوء الفارق الأول في المقام الأول : إنّ هذا الكلام غير معقول ، وذلك لأننا حينما نوجد النوع فنقول : «ضرب فعل ماض» مثلا ، فقد أوجدنا النوع بإيجاد فرده ، ولكن لا يمكن بهذا أن نحصل على الصورة الذهنية للكلي في ذهن السامع ، إلّا بنحو مطابق لما أوجدناه خارجا والمفروض أننا أوجدنا كليا خاصا مقيدا ، أوجدنا الطبيعة في ضمن فرد
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ١ / ص ٩٥.