معنى الدلالة التصورية. ولا يفرّق فيه بين أخذ الإرادة قيدا في المعنى الموضوع فيه ، وعدم أخذها كذلك :
فإذا كانت الإرادة غير مأخوذة في المعنى الموضوع له ، فالواضع كأنه قرن بين صورة اللفظ وصورة ذات المعنى ، فمن الواضح حينئذ أن الانتقال انتقال تصوري محض ، وأمّا إذا كانت الإرادة مأخوذة قيدا في المعنى الموضوع له فقد يتوهم حينئذ بأن هذا يجعل الدلالة دلالة تصديقية ، ولكن هذا غير صحيح. وتفصيل القول في ذلك أن الإرادة المأخوذة في المعنى لا يخلو أمرها من أحد ثلاث احتمالات :
الاحتمال الأول : أن يكون المأخوذ في المعنى مفهوم الإرادة الكلي ، بمعنى أن لفظة (ماء) موضوعة للسائل المراد ، بحيث يكون مفهوم الإرادة بوجه كلي أخذ قيدا فيه.
الاحتمال الثاني : أن يكون المأخوذ في المعنى مفهوم الإرادة الجزئي ، يعني مفهوم إرادة هذا الإنسان بالخصوص. فحينما يقول «زيد ماء» فلفظة (ماء) معناها السائل المراد لزيد بالخصوص.
الاحتمال الثالث : أن يكون المأخوذ في المعنى واقع الإرادة ووجودها في نفس المتكلم ، لا مفهومها الكلي ، ولا مفهومها الجزئي. والفرق بين الاحتمال الثالث ، والاحتمالين الأولين ، في غاية الوضوح :
ففي الأولين لم يؤخذ وجود الإرادة قيدا في المعنى ، بل أخذ مفهومها خاليا من الوجود والعدم.
وأما في الثالث لم يؤخذ مفهوم الإرادة بل واقعها ووجودها الخارجي ، بحيث لو لم يكن لها وجود خارجي فالمعنى غير تام بنفسه.
وإن شئت قلت : إنّ صورة الإرادة في الأولين لم يؤخذ فيها كونها مطابقة للواقع ، وذات مصداق في الخارج.