الواضع باللغوية ، لأنه لم يأت بمئونة زائدة ليسأل عن سبب الإتيان بها.
ب ـ الوجه الثاني : وهو حاقّ الجواب في المقام وحاصله : إنّ البيان المذكور مبني على أن الوضع من قبيل المجعولات الاعتبارية التشريعية التي تقبل الإطلاق والتقييد ، كوجوب الصلاة بعد الزوال ، وعدم وجوبها قبل الزوال.
إلا أن هذا التوهم غير صحيح ، وقد اتضحت عدم صحته مما تقدم في حقيقة الوضع ، فقد تقدم أن حقيقة الوضع هو القرن. والقرن علة تكوينية لانتقال الذهن من أحد المقترنين إلى الآخر ، وليس علة جعلية واعتبارية. وإذا كان الواضع يستعمل الاعتبار ، إنما ذلك من باب أن الاعتبار مقدمة إعدادية لقرن اللفظ بالمعنى. فعندنا في المقام شيئان ، علة ومعلول : العلة هي نفس القرن في انتقال الذهن من أحد المقترنين إلى الآخر ، والمعلول هو نفس الملازمة التكوينية بين تصور اللفظ وتصور المعنى. بحيث متى ما تصوّر اللفظ تصوّر المعنى ، وحينئذ ما ذا يقيّد هنا؟.
أمّا نفس القرن فهو فعل خارجي تسبيبي ، فالواضع إمّا أن يكرّر عملية القرن خارجا ، أو يتسبب إلى القرن بالاعتبار والوضع ، وحينئذ لا معنى لتقيد هذا القرن أو إطلاقه.
وأمّا معلول هذا القرن فهو أيضا ملازمة تكوينية قهرية قائمة بين اللفظ والمعنى ، ولا يمكن بعد هذا فرض الملازمة في حال دون حال ، لأن ذلك تفكيك بين المعلول والعلة. وهو خلف القرن لأن القرن يوجب تكوينا الملازمة في عالم التصور بين اللفظ والمعنى.
إذن فالتقييد في المقام غير معقول ، لا في نفس القرن ، ولا فيما ينشأ من القرن من الملازمة التكوينية بين تصور اللفظ وتصور المعنى.
نعم الشيء الممكن في المقام هو أن يقيّد أحد طرفي الاقتران. بأن يقرن لفظة (زيد) المنصوبة بالمعنى الفلاني ، ولكن هذا بحسب الحقيقة ليس تقييدا