فهذه الدعوى ساقطة كالدعوى الثانية ، وعليه : فيتعين ما ذهب إليه المشهور من أن الهيئة التركيبية موضوعة لإفادة النسبة التامة التصادقية بالمعنى الذي شرحناه سابقا.
الاحتمال الثاني :
بعد أن وضع كل من مواد المفردات وهيئاتها ، والهيئة التركيبية لمعناه ، يقال : بأن المجموع المركب من هذه الأنواع الثلاثة هل له وضع زائد وراء تلك الأوضاع ، أو ليس له وضع زائد؟.
المعروف إنّه ليس للمجموع المركب وضع آخر وراء تلك الأوضاع.
وقد يبرهن على ذلك تارة ، بأنه لو كان هناك وضع زائد ، للزم الانتقال إلى المعنى مرتين ، بحيث يكون هناك دالان على المعنى ، وأحد الدالين هو الإجزاء بوجوداتها التفصيلية ، والدال الآخر هو المجموع المركب ، وحينئذ قولنا «زيد عالم» يكون دالا مرتين على معناه ، فيلزم الانتقال إلى المعنى مرتين ، والحال أنّ الذهن لا ينتقل إلى المعنى مرتين بل مرة واحدة ، كما لو سمعنا «زيد عالم» من شخص واحد.
ويبرهن أخرى على نفي الوضع الزائد باللغوية ، لأن المقصود من الكلام هو إفادة المعنى الجملي ، وإفادة هذا المعنى قد تمت بأوضاع أجزاء المركب كل لمعناه ، وعليه فيكون الوضع الثاني لغوا في المقام.
والتحقيق في المقام هو : إنّ المعنى الجملي تارة يكون سنخ معنى قابلا لأن يفاد بنحو تعدد الدال والمدلول كما في قولنا «زيد عالم» المنحل إلى ثلاثة أجزاء : موضوع ومحمول ونسبة. وكل منها قابل لأن يدل عليه بدال مستقل. فلفظة (زيد) تدل على الموضوع ، ولفظة (عالم) تدل على المحمول. وهيئة الجملة تدل على النسبة التامة ، وأخرى يكون المعنى الجملي سنخ معنى لا يعقل إفادته بنحو تعدد الدال والمدلول. بأن كان بعض أجزاء هذا المعنى لا يفاد بدال مستقل ، كما في قولنا «النار في الموقد» المنحل إلى ثلاثة أجزاء :