تعدد الدال والمدلول ، وذلك فيما إذا كانت النسب التحليلية الناقصة داخلة فيه. وعليه : فمتى ما كان المعنى الجملي من قبيل الأول ، فمن الواضح أن إفادته تكون بنحو تعدد الدال والمدلول ، ومعه لا معنى لدعوى وضع آخر للمركب ، لأن الواضع بعد أن قرن بين زيد ومعناه ، وبين عالم ومعناه ، وبين الهيئة ومعناها ، فيكون قد قرن المركب بالمعنى الجملي بنحو تعدد الدال والمدلول ، فلا معنى حينئذ لوضع آخر للمركب ، لأن الاقتران لا يتعدد ولا يتكرر.
ومتى ما كان المعنى الجملي من قبيل الثاني مشتملا على النسبة التحليلية الناقصة ، فلا بدّ وأن تكون الجملة «النار في الموقد» بتمامها موضوعة لتمام ذلك المعنى الجملي ، لا أن يكون كل جزء منها موضوعا لجزء من المعنى الجملي بنحو تعدد الدال والمدلول ، بل الجملة بتمامها موضوعة للحصة الخاصة بما هي حصة خاصة ؛ وهذا لا يرد عليه كلا الإشكالين السابقين ، فلا ترد مسألة لزوم الانتقال إلى المعنى مرتين ، لأنه لا يوجد في المقام إلّا دال واحد ، فإنّ كلّا من أجزاء الجملة حين اجتماعها ليس لها إلّا وضع واحد ، وهو الوضع للمعنى الجملي ، وكذلك لا يأتي إشكال اللغوية لأن هذا الإشكال مبني على تصور أن كلا من كلمة نار وموقد و «في» لها أوضاع ودلالات. حينئذ يقال بأن وضع المركب بما هو مركب يكون لغويا ، لكن المفروض استحالة ذلك في المقام ، فإن إفادة المعنى الجملي المشتمل على النسبة التحليلية الناقصة مستحيل بنحو تعدد الدال والمدلول ، فليس هناك دوال متعددة في داخل المركب ، بل دال واحد وهو المركب ، فلا لغوية في المقام.
وعلى هذا الأساس نقول : إنّ الجمل التامة من قبيل «زيد عالم» و «ضرب زيد» ليس للمركب منها وضع زائد على وضع المفردات ، لأنها تشتمل على النسبة التامة ، وإفادة هذه النسبة يكون بنحو تعدد الدال والمدلول. وأما الجمل الناقصة : فحيث أنها تشتمل على النسب التحليلية ، فلا بد وأن يكون للمركب من الوصف ، والموصوف ، والجار والمجرور ، ونحو ذلك ،