العلامة الثانية : صحة الحمل :
فقد ادّعي بأن صحة حمل اللفظ على معنى بالحمل الأولي الذاتي ، يدل على أن الموضوع هو عين المعنى الذي وضع له اللفظ ، وبالحمل الشائع الصناعي يدل على أنه فرد منه. فقولنا «الحيوان المفترس أسد» بالحمل الأولي ، دلّ على أن الحيوان المفترس متحد ذاتا مع المعنى الموضوع له كلمة (أسد) ، وبذلك يتعيّن المعنى الموضوع له. وقولنا : «زيد إنسان» بالحمل الشائع ، دلّ على أن زيدا فرد من هذا المعنى الكلي ، وهذا المعنى الكلي هو المعنى الموضوع له كلمة (الإنسان).
وهذه العلامة لا محصّل لها في المقام ، وذلك لأن المحمول في قولنا «الحيوان المفترس أسد» هل فرض استعماله في معنى معين دون أن يعرف في المرتبة السابقة أنه هو المعنى الموضوع له؟. أو فرض استعماله في معنى فرغ عن أنه هو المعنى الموضوع له؟.
فعلى الأول : غاية ما تقتضيه صحة الحمل أن يكون «الحيوان المفترس» عين ذاك المعنى الذي استعملت فيه لفظة (أسد). والذي لا يدرى أنه هو المعنى الحقيقي ، أو إنه هو المعنى المجازي للفظ (الأسد) فكيف يتعيّن المعنى الموضوع له اللفظ؟.
وعلى الثاني : لا معنى لجعل صحة الحمل علامة على الحقيقة ، لأنه قد فرغ من تعيين المعنى الموضوع له مسبقا ، وعلى هذا فيه دور ، لأن صحة الحمل على الثاني ، تكون في طول العلم بالوضع ، فكيف يطلب العلم بالوضع من صحة الحمل؟. ولا ينفع ما ذكرنا من التخلص في علاميّة التبادر في دفع الدور هنا ، لأن التبادر هو مجرد انتقال تصوري ، من تصور اللفظ إلى تصور المعنى ، فلا يتوقف إلّا على القرن الأكيد ، ولا يستبطن حكما تصديقيا ، بينما صحة الحمل عبارة عن حكم تصديقي من قبل المستعلم ، فلا بد من العلم بكلا الطرفين بالمعنى الموضوع له لفظ (الأسد) ، وبالمعنى الموضوع له لفظ