الحل المختار
والصحيح في حل هذا الإشكال المشهوري ، هو أن يقال : بأن التعهد ليس من سنخ الإرادة ، حتى يأتي الإشكال بأنها هل هي إرادة مقدمية ، أو إرادة نفسية ، بل التعهد هو من سنخ الالتزام ، وجعل المسئولية على الإنسان ، سنخه سنخ النذر ، لا سنخ الإرادة. فالتعهد معناه : أن يجعل نفسه مسئولا ومقيدا ، ويوجب على نفسه أنه متى ما قصد تفهيم المعنى أتى باللفظ ، إذن فبابه ليس باب الإرادة ، بل بابه باب الجعل ، جعل الإلزام على النفس ، هذا فعل نفساني وهذا الفعل النفساني قد يفعله الفاعل لمصلحة في نفس هذا الفعل النفساني نفسه ، وما هي المصلحة في نفس هذا الالتزام ـ هو حصول الدلالة ما بين اللفظ والمعنى ـ لأنّ أصحاب التعهد يقولون ببركة هذا التعهد تحصل الدلالة بين اللفظ والمعنى.
إذن فالتعهد ليس بابه باب الإرادة والشوق المؤكد ، حتى يقال إنّ هذه الإرادة مقدمية أو نفسية ، بل بابه باب الجعل النفساني ، جعل المسئولية على النفس ، وجعل الإيجاب على النفس ، وهذا فعل نفساني ، وهو بنفسه ذو مصلحة ، لأنّه به ينفتح باب الخيرات ، وبه تحصل الدلالة بين اللفظ والمعنى.
إذن فينقدح في نفس المولى ، وفي نفس الواضع ، داعيا إلى إيجاد هذا الفعل النفساني ، ولا محذور فيه.